زراعة الغذاء في الصحراء؟ قد يبدو الأمر تحديًا، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة خطت خطوات مثيرة للإعجاب، محولةً المناظر الطبيعية القاحلة إلى مراكز زراعية منتجة. هذا ليس مجرد حظ؛ بل هو نتيجة لشبكة دعم استراتيجية تُعرف باسم الخدمات الزراعية (AFS). فكّر في AFS ليس كمكتب واحد، بل كشبكة من المبادرات التي تقودها الحكومة وهي حاسمة للحفاظ على ازدهار المزارع المحلية. يستكشف هذا المقال كيف تعزز هذه الخدمات الحيوية مزارع الإمارات، مع التركيز بشكل خاص على فتح الأبواب أمام الأسواق، وتوفير التمويل الأساسي، وتمهيد الطريق للنمو المستقبلي من خلال الأدوات الرقمية والشراكات العالمية. إن القوى الدافعة وراء AFS واضحة: تعزيز الأمن الغذائي، ودعم الاستدامة، ومساندة المزارعين المتفانين الذين يطعمون الأمة. من يدعم مزارع الإمارات؟ اللاعبون الرئيسيون ومهمتهم
لا يوجد قسم واحد يُدعى "AFS" يمكنك الاتصال به؛ فنظام الدعم مُصمم بذكاء ليكون لا مركزيًا. على المستوى الاتحادي، تحدد وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) التوجه الوطني، وتطرح السياسات والبرامج والموارد. وبالتركيز على دبي، تتولى بلدية دبي (DM) زمام المبادرة محليًا، منفذةً مبادرات مثل برنامج "مزارع دبي" وتقدم الإرشاد العملي. لدى الإمارات الأخرى هيئات متخصصة مماثلة، مثل هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية (ADAFSA). وبشكل حاسم، تأتي القوة المالية من مؤسسات مثل بنك الإمارات للتنمية (EDB) وصندوق خليفة لتطوير المشاريع، التي تقدم دعمًا مخصصًا للمشاريع الزراعية. مهمتهم الجماعية طموحة ولكنها حيوية: تعزيز الأمن الغذائي وفقًا للاستراتيجية الوطنية 2051، والدفع نحو الممارسات المستدامة، وتمكين المزارعين الإماراتيين (وهو هدف يتردد صداه في مبادرات مثل أجندة دبي الاجتماعية 33)، ودفع تبني ابتكارات التكنولوجيا الزراعية (AgriTech). ربط النقاط: مبادرات التواصل والتعاون
في الزراعة، التعاون هو المفتاح، وخدمات الدعم في الإمارات تعزز هذه الروابط بفعالية. تخيل أن المزارعين يتبادلون الأفكار ويتصدون للتحديات معًا – هذه هي الفكرة وراء مبادرات مثل جمعية المزارعين المخطط لها ضمن برنامج "مزارع دبي". الفعاليات هي رابط رئيسي آخر. فكّر في مهرجان حتا الزراعي النابض بالحياة، أو أسبوع التمور المحلية، أو أسواق المزارعين الموسمية؛ هذه ليست مجرد أماكن لبيع المنتجات، بل هي مراكز للتعاون والتواصل والمشاركة المباشرة في السوق. على نطاق أوسع، تجمع مؤتمرات الصناعة مثل AgroSummitX و World Agri-Tech Dubai الجميع على طاولة واحدة – المزارعين ومبتكري التكنولوجيا والمستثمرين وصناع السياسات – مما يشعل فتيل الشراكات ويعرض أحدث التطورات. علاوة على ذلك، فإن الشراكات الاستراتيجية بين الهيئات الحكومية (مثل اتفاقية بلدية دبي مع GMG)، والمؤسسات البحثية، وحتى المنظمات الدولية، تنسج شبكة دعم أوسع للقطاع بأكمله. فتح الأبواب: دعم وصول مزارع الإمارات إلى الأسواق
إنتاج محاصيل رائعة شيء، وإيصالها إلى موائد العشاء شيء آخر. يُعد الوصول إلى الأسواق أمرًا بالغ الأهمية لربحية المزرعة واستدامتها على المدى الطويل، وتلعب AFS دورًا كبيرًا هنا. برنامج "مزارع دبي"، على سبيل المثال، يوجه المزارعين بفعالية نحو تلبية متطلبات السوق المحلية وحتى يتعاقد مع موزعين متخصصين، مثل المجموعة الكبرى GMG، للتعامل مع التسويق والمبيعات. وبالمثل، يتضمن برنامج "زراعي" التابع لصندوق خليفة خدمات تسويقية لمساعدة المزارعين على الوصول إلى العملاء. بالإضافة إلى العقود المباشرة، تساعد المبادرات التي تشجع على الشراء المحلي، مثل حملة بلدية دبي "ازرع غذاءك" أو الجهود التي تشجع المطاعم على استخدام المكونات المحلية، في تحفيز الطلب. وفي حين أن الاتفاقيات التجارية الأوسع نطاقًا مثل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والهند (UAE-India CEPA) تركز أكثر على تدفقات التجارة الدولية، إلا أنها جزء من الصورة الأكبر لتأمين مسارات الغذاء وفرص السوق. تضمن هذه الجهود مجتمعة أن العمل الشاق الذي يحدث في مزارع الإمارات يُترجم إلى منتجات طازجة ومتاحة للمستهلكين. تغذية النمو: التمويل والإعانات للمزارعين
تتطلب إدارة مزرعة أو توسيع العمليات أو تبني تكنولوجيا جديدة رأس مال. وإدراكًا لذلك، يُعد الدعم المالي حجر الزاوية في الخدمات الزراعية بدولة الإمارات. تساعد العديد من الآليات الرئيسية المزارعين في الحصول على الأموال التي يحتاجونها. بالنسبة للقروض، يقدم بنك الإمارات للتنمية (EDB) قروضًا مخصصة للتكنولوجيا الزراعية (AgriTech) تصل إلى 5 ملايين درهم إماراتي، مصممة لمساعدة المزارع على التحديث والتوسع، وتتميز بشروط صديقة للمزارعين مثل فترات السماح وجداول السداد الطويلة. خصص بنك الإمارات للتنمية تمويلاً كبيرًا خصيصًا لمشاريع الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية. لاعب رئيسي آخر هو صندوق خليفة، الذي يوفر برنامجه "زراعي" قروضًا بدون فوائد تصل إلى مليون درهم إماراتي حصريًا للمزارعين الإماراتيين. حتى الكيانات الأوسع نطاقًا مثل الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي (AAAID) تقدم قروضًا دوارة لدعم صغار المزارعين في جميع أنحاء المنطقة. بالإضافة إلى القروض، تخفف الإعانات المباشرة بشكل كبير من التكاليف التشغيلية. توفر وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) للمزارعين الإماراتيين المسجلين مدخلات مدعومة مثل البذور والأسمدة، تغطي 50% من التكلفة. كما يقدم برنامج "مزارع دبي" التابع لبلدية دبي إمدادات مدعومة وأسعارًا تنافسية على الآلات الأساسية وأنظمة الري. هناك أيضًا إمكانية للحصول على منح محددة تستهدف تبني التقنيات المتقدمة مثل الزراعة المائية (hydroponics)، مما يشجع على المزيد من الابتكار. المستقبل رقمي: تحويل الخدمات الزراعية
تغير التكنولوجيا وجه الزراعة بسرعة، والخدمات الزراعية في الإمارات تتبنى هذا التحول الرقمي. مثال رئيسي على ذلك هو منصة "مزارع دبي" الذكية التابعة لبلدية دبي، المصممة لتزويد المزارعين بالبيانات الفنية، وتعزيز الكفاءة، وزيادة الوعي كجزء من التحول الرقمي الأوسع للإمارة. وبالنظر إلى المستقبل، تشمل الخطط نافذة رقمية موحدة لتبسيط عملية إنشاء شركات الأغذية والأعمال الزراعية. أصبحت البيانات هي الملك. أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "CHAG"، وأجهزة استشعار إنترنت الأشياء (IoT)، وصور الأقمار الصناعية (فكّر في تطبيق Farmonaut الذي يوفر رؤى قائمة على الأقمار الصناعية)، ومشاريع رسم الخرائط بالطائرات بدون طيار من قبل وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) تمكّن من اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، وتحسين استخدام موارد المياه الثمينة، ومراقبة صحة المحاصيل، وإدارة المشكلات المحتملة بشكل أكثر فعالية. يؤدي هذا مباشرة إلى الزراعة الدقيقة، باستخدام تقنيات مثل الري الذكي، وشبكات الاستشعار، والروبوتات لتطبيق الموارد بالضبط أينما ومتى دعت الحاجة. حتى سلسلة التوريد أصبحت رقمية، مما يعزز التتبع، ويحسن الكفاءة، وبشكل حاسم، يساعد في تقليل الفاقد من الغذاء. وصول عالمي: التعاون الدولي في الزراعة الإماراتية
مع التركيز على الإنتاج المحلي، تدرك دولة الإمارات قوة التعاون العالمي لتعزيز قطاعها الزراعي. يتخذ هذا أشكالًا عديدة. تعمل وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) بنشاط مع خبراء دوليين لتعزيز خدمات الإرشاد الخاصة بها، كما أن الشراكات مثل تلك القائمة بين Bayer و Silal تجلب حلول الزراعة الرقمية المتطورة وتجارب البذور إلى البيئة المحلية. ويعمل مركز الابتكار الزراعي أيضًا كمركز لتبادل المعرفة الدولية. كما أن دولة الإمارات مشارك نشط في المبادرات العالمية مثل مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ (AIM for Climate) والمعهد العالمي للنمو الأخضر (GGGI)، حيث تشارك خبراتها وتتعلم من الآخرين. ولتحفيز الابتكار محليًا، تسعى مبادرات مثل وادي تكنولوجيا الغذاء (Food Tech Valley) بنشاط إلى جذب الاستثمار الأجنبي والمواهب، مدعومة بسياسات تسمح بالملكية الأجنبية بنسبة 100% في المشاريع الزراعية. وبعيدًا عن حدودها، تساهم دولة الإمارات من خلال المساعدات الإنمائية للمشاريع الزراعية في الخارج والاستثمارات الاستراتيجية الخارجية لتأمين الإمدادات الغذائية، مكملةً بذلك جهودها المحلية. ويعزز التعاون الإقليمي، لا سيما داخل دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) واستكشاف العلاقات مع جنوب آسيا وأفريقيا، شبكات الأمن الغذائي بشكل أكبر.