تتطلع دبي باستمرار نحو المستقبل، وجزء كبير من هذه الرؤية يتمثل في جعل التنقل في المدينة أنظف وأكثر مراعاة للبيئة . وكجزء من مبادرة الإمارات الأوسع للحياد المناخي 2050، تلتزم دبي التزامًا جادًا بالنقل المستدام . ربما لاحظت التغييرات بالفعل، ولكن هيئة الطرق والمواصلات (RTA) لديها بعض الخطط الكبرى قيد التنفيذ. فهم يهدفون إلى تحويل أسطول سيارات الأجرة بحلول عام 2027 وإصلاح الحافلات العامة بالكامل بحلول عام 2050، مع التحول نحو خيارات صفرية الانبعاثات مثل الطاقة الكهربائية وحتى الهيدروجينية . دعنا نستكشف ما يعنيه هذا لرحلات دبي، بالنظر إلى الأهداف، والتكنولوجيا، والتقدم المحرز حتى الآن، والعقبات المقبلة. لماذا التحول الكهربائي؟ رؤية هيئة الطرق والمواصلات للنقل العام الصفري الانبعاثات
إذًا، لماذا هذا الدفع الكبير نحو المركبات الكهربائية والهيدروجينية؟ كل هذا جزء من خطة مدروسة بعناية. أطلقت هيئة الطرق والمواصلات (RTA) استراتيجيتها الرائدة "استراتيجية النقل العام الصفري الانبعاثات في دبي 2050" في عام 2023، مما يجعلها أول هيئة نقل في الشرق الأوسط تتبنى مثل هذه الرؤية طويلة الأمد للتحول الأخضر . هذا ليس مجرد هدف منعزل؛ بل يرتبط ارتباطًا مباشرًا بطموحات وطنية ومحلية أكبر مثل مبادرة الإمارات للحياد المناخي 2050، واستراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، واستراتيجية دبي للتنقل الأخضر 2030 . الفوائد مقنعة جدًا: تهدف الاستراتيجية إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار هائل يبلغ 10 ملايين طن وتوفير حوالي 3.3 مليار درهم إماراتي مقارنة بالاعتماد على مصادر الوقود التقليدية . بالإضافة إلى ذلك، تهدف الخطة الاستراتيجية الأوسع لهيئة الطرق والمواصلات للفترة 2024-2030 إلى زيادة استخدام خيارات النقل المستدام إلى 42.5% بحلول عام 2030 . تزويد سيارات الأجرة في دبي بالطاقة: الطريق نحو أسطول كهربائي 100%
في الواقع، كانت هيئة الطرق والمواصلات في دبي سبّاقة في هذا المجال منذ فترة. هل تتذكر رؤية سيارات الأجرة الهجينة تلك؟ لقد بدأ تشغيلها في عام 2008، تلتها أولى سيارات الأجرة الكهربائية في عام 2017 . لكن الوتيرة تتسارع بشكل كبير. الهدف المباشر طموح: تحويل أسطول سيارات الأجرة بأكمله – ويشمل ذلك كلاً من مؤسسة تاكسي دبي (DTC) وجميع شركات الامتياز – إلى مركبات هجينة وكهربائية بحلول عام 2027 . هذا قاب قوسين أو أدنى! وبالنظر إلى المستقبل الأبعد، تتمثل الخطة في تحويل هذه الأساطيل بالكامل إلى مركبات صفرية الانبعاثات، أي تعمل بالطاقة الكهربائية والهيدروجينية. تم تحديد المعالم الرئيسية: 30% صفرية الانبعاثات بحلول عام 2030، و50% بحلول عام 2035، والوصول إلى نسبة 100% كاملة بحلول عام 2040 . التقدم واضح بالفعل؛ فبحلول أواخر عام 2023، كان لدى دبي بالفعل أكثر من 10,000 مركبة هجينة وأكثر من 1,000 مركبة كهربائية تعمل في قطاع النقل الفاخر . كما تساعد الشراكات، مثل تلك مع الفطيم، في نشر مئات أخرى من المركبات الصديقة للبيئة . واستعد لهذا – تخطط دبي أيضًا لإدخال 4,000 سيارة أجرة كهربائية ذاتية القيادة بحلول عام 2030 كجزء من استراتيجيتها للنقل ذاتي القيادة . تخضير التنقل اليومي: طموحات دبي للحافلات الكهربائية والهيدروجينية
لا يقتصر التحول الكهربائي على سيارات الأجرة فقط؛ فالحافلات العامة في دبي تسير على مسار مماثل نحو صفر انبعاثات . وضعت هيئة الطرق والمواصلات أهدافًا واضحة لدمج الحافلات الكهربائية والهيدروجينية في الأسطول: 10% بحلول عام 2030، وترتفع بشكل مطرد إلى 20% بحلول عام 2035، و40% بحلول عام 2040، و80% بحلول عام 2045، لتصل في النهاية إلى حافلات صفرية الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2050 . بدأت التجارب التشغيلية للحافلات الكهربائية بالفعل في عام 2019 . وفي الآونة الأخيرة، في أبريل 2025، بدأت هيئة الطرق والمواصلات في اختبار حافلة فولفو كهربائية عالية التقنية . هذه ليست مجرد حافلة عادية؛ فهي تتميز ببطارية ضخمة تبلغ 470 كيلوواط ساعي، ويمكنها السفر لمسافة تصل إلى 370 كم بشحنة واحدة، وتتسع لـ 76 راكبًا . ويجري حاليًا اختبارها على المسار F13، خصيصًا لمعرفة كيفية تعاملها مع مناخ دبي وقياس تأثيرها الحقيقي على تقليل الانبعاثات . والأهم من ذلك، تتضمن الاستراتيجية صراحةً الحافلات التي تعمل بالهيدروجين كجزء من المزيج المستقبلي، مما يوفر بديلاً آخر صفري الانبعاثات . ويمتد هذا التركيز الأخضر ليشمل حتى الحافلات المدرسية التي تشغلها مؤسسة تاكسي دبي، مع تحديد نفس الهدف المتمثل في الوصول إلى صفر انبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2050 . ما وراء البطاريات: دور الهيدروجين في مستقبل النقل في دبي
بينما تستحوذ المركبات الكهربائية غالبًا على العناوين الرئيسية، فإن استراتيجية دبي ذكية بما يكفي لتشمل الهيدروجين أيضًا . فكر في الأمر على أنه تقنية تكميلية – طريقة أخرى لتحقيق صفر انبعاثات، وقد تكون مفيدة بشكل خاص للمركبات الأكبر حجمًا أو المسارات الأطول. تعد مركبات خلايا وقود الهيدروجين جزءًا صريحًا من خطة الوصول إلى سيارات أجرة صفرية الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2040 وحافلات صفرية الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2050 . هذا ليس مجرد كلام؛ فالبنية التحتية الداعمة قيد التطوير. على سبيل المثال، تعمل هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) على مشروع الهيدروجين الأخضر في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الضخم، والذي يمكن أن ينتج الوقود لوسائل النقل في نهاية المطاف . كما تستكشف إمارات أخرى، مثل أبوظبي، تكنولوجيا وقود الهيدروجين، مما يدل على اهتمام إقليمي أوسع . البنية التحتية والتحديات: تمهيد الطريق للأساطيل الكهربائية
يتطلب تحويل آلاف سيارات الأجرة والحافلات إلى الطاقة الكهربائية والهيدروجينية أكثر من مجرد مركبات جديدة؛ فهو يحتاج إلى أنظمة الدعم المناسبة . تعتبر البنية التحتية للشحن أمرًا أساسيًا للغاية. تعمل هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) على توسيع شبكة "الشاحن الأخضر" للمركبات الكهربائية بشكل كبير، بهدف الوصول إلى 1,000 محطة شحن عامة بحلول نهاية عام 2025 . قد ترى أيضًا نقاط شحن جديدة تظهر بفضل الشراكات، مثل تلك بين هيئة كهرباء ومياه دبي وشركة "باركن" التي تركز على المناطق السكنية، ودخول مشغلين مرخصين جدد إلى السوق . ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات. إن توفير ما يكفي من نقاط الشحن، وخاصة الشواحن السريعة، في مواقع مناسبة لأسطول ضخم من سيارات الأجرة وضمان تجهيز مستودعات الحافلات بالكامل، هو مهمة ضخمة . التكلفة الأولية لتحويل مثل هذه الأساطيل الكبيرة كبيرة، على الرغم من توقع تحقيق وفورات مالية على المدى الطويل . بالإضافة إلى ذلك، يفرض مناخ دبي الحار تحديات فريدة على أداء البطارية وعمرها الافتراضي – وهو أمر مصممة تجارب الحافلات الكهربائية الحالية لتقييمه على وجه التحديد . كما أن ضمان قدرة شبكة الكهرباء على التعامل مع الطلب المتزايد والتأكد من أن الكهرباء تأتي من مصادر نظيفة هي أيضًا أجزاء حاسمة من اللغز . التطلع إلى المستقبل: خارطة طريق دبي للتنقل المستدام
رحلة دبي نحو النقل المستدام هي التزام طويل الأمد مع معالم واضحة في المستقبل . تظل الأهداف الرئيسية ثابتة: 100% سيارات أجرة وليموزين صفرية الانبعاثات (باستخدام الكهرباء والهيدروجين) بحلول عام 2040، ونفس الهدف بنسبة 100% للحافلات العامة والمدرسية بحلول عام 2050 . يندرج هذا ضمن الصورة الوطنية، التي تهدف إلى أن تكون 50% من جميع المركبات على طرق الإمارات كهربائية أو هجينة بحلول عام 2050 . يرتبط هذا التحول في قطاع النقل أيضًا ارتباطًا وثيقًا بطموحات دبي الأوسع للمدينة الذكية. فكر في خيارات النقل الذاتي القيادة المتكاملة، واستخدام البيانات لجعل السفر أكثر سلاسة وكفاءة، وتطوير مفهوم "مدينة الـ 20 دقيقة" حيث تكون الاحتياجات اليومية على مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام أو بالدراجة . والأهم من ذلك، تتضمن الخطة تزويد هذا الأسطول الكهربائي بشكل متزايد بمصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية المولدة داخل دبي . إن أهداف دبي الطموحة لكهربة أساطيل سيارات الأجرة والحافلات الخاصة بها باستخدام تقنيات البطاريات الكهربائية والهيدروجين تضع بالفعل معيارًا يُحتذى به . لقد تم إحراز تقدم كبير بالفعل، بدءًا من التبني المبكر لسيارات الأجرة الهجينة وصولاً إلى التجارب الحالية للحافلات الكهربائية المتقدمة والتوسع السريع في البنية التحتية للشحن . هذا النهج متعدد الأوجه، الذي يجمع بين تبني التكنولوجيا والتخطيط الاستراتيجي وتطوير البنية التحتية، يؤكد التزامًا جادًا . تتجاوز الفوائد المتوقعة مجرد الهواء النظيف؛ فهي تشمل تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون ووفورات مالية على المدى الطويل . وفي حين أن التحديات قائمة بالتأكيد، فإن استراتيجية دبي الاستباقية والشاملة تضعها بوضوح في موقع الريادة، حيث تسير بثقة نحو مستقبل تنقل حضري أكثر استدامة.