إن تحول دبي من مركز صحراوي ناءٍ إلى مدينة عالمية متلألئة هو أمر لافت للنظر حقًا، وطموحها لا يتوقف عند هذا الحد . توجه الإمارة الآن هذا الدافع ذاته لتصبح رائدة عالميًا في مجال الاستدامة، حيث تلعب الطاقة الشمسية دورًا رئيسيًا في رؤيتها لمستقبل أنظف . في قلب هذه الثورة الخضراء، تبرز مبادرتان رئيسيتان: مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية (MBR) الضخم وبرنامج شمس دبي المجتمعي . تُعد هذه الجهود ركائز أساسية لاستراتيجية دبي الطموحة للطاقة النظيفة 2050 (DCES 2050)، التي توجه المدينة نحو مستقبل يعتمد على الطاقة الشمسية . دعنا نستكشف كيف تسخر دبي أشعة الشمس الوفيرة لديها. الأسباب: توجه دبي الاستراتيجي نحو الطاقة النظيفة
إذن، لماذا هذا الاهتمام الكبير بالطاقة الشمسية؟ كل هذا جزء من خطة كبرى. استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 (DCES 2050)، التي أُطلقت في عام 2015، كانت تهدف في البداية إلى تحقيق 75% من الطاقة النظيفة بحلول منتصف القرن . لكن دبي لا تنجز الأمور بشكل جزئي؛ فقد تم تحديث الهدف منذ ذلك الحين ليستهدف 100% من قدرة إنتاج الطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2050، بما يتماشى مع مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي . الأهداف المؤقتة طموحة أيضًا، حيث تهدف إلى تحقيق ما يصل إلى 34% من قدرة الطاقة النظيفة بحلول عام 2030 . هذا التحول الاستراتيجي مدفوع بالرغبة في تحقيق الاستدامة على المدى الطويل، وتنويع مزيج الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وتعزيز النمو الاقتصادي ضمن خطط مثل أجندة D33، وترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي رائد في الاقتصاد الأخضر . هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) هي اللاعب الرئيسي الذي يحول هذه الرؤية إلى واقع، ويدفع بهذه الاستراتيجيات قدمًا . العملاق يستيقظ: مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية
عندما تقرر دبي أن تنجز مشروعًا ضخمًا، فإنها تنجزه بشكل ضخم جدًا. وخير مثال على ذلك: مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية (MBR) . يقع هذا المجمع في صحراء سيح الدحل، وهو ليس مجرد مزرعة طاقة شمسية عادية؛ بل من المخطط أن يكون أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم . تم تطوير المجمع من قبل هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) باستخدام نموذج المنتج المستقل للطاقة (IPP)، ويجمع المجمع بين تقنيات الطاقة الكهروضوئية (PV) والطاقة الشمسية المركزة (CSP) . حجم المشروع مذهل: قدرة مخططة مبدئيًا تبلغ 5,000 ميجاوات بحلول عام 2030، وتتطلب استثمارات بقيمة 50 مليار درهم إماراتي، على الرغم من أن التوسعات الأخيرة تشير إلى هدف أقرب إلى 7,260 ميجاوات بحلول عام 2030 . بمجرد تشغيله بالكامل، من المتوقع أن يخفض انبعاثات الكربون في دبي بأكثر من 6.5 مليون طن سنويًا . يتم تطوير المجمع على مراحل. المرحلة الأولى (13 ميجاوات PV) بدأت العمل في عام 2013 . أضافت المرحلة الثانية 200 ميجاوات PV في عام 2017، محققةً سعرًا قياسيًا منخفضًا في ذلك الوقت . وفرت المرحلة الثالثة 800 ميجاوات PV أخرى عبر الإنترنت بحلول عام 2020، وتتميز بأنظمة تتبع شمسي متقدمة . المرحلة الرابعة هي مشروع هجين ضخم بقدرة 950 ميجاوات (نور للطاقة 1) يجمع بين تقنية CSP – بما في ذلك أطول برج للطاقة الشمسية في العالم – وتقنية PV . المرحلة الخامسة (900 ميجاوات PV) والمرحلة السادسة (900 ميجاوات PV أخرى بقيادة مصدر) قيد التنفيذ أو التطوير . وبالنظر إلى المستقبل، طرحت هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) مؤخرًا مناقصة للمرحلة السابعة، تسعى من خلالها للحصول على ما يصل إلى 2,000 ميجاوات من الطاقة الكهروضوئية (PV)، مع إمكانية إقرانها بسعة تخزين بطاريات تبلغ 1 جيجاوات . اعتبارًا من أوائل عام 2025، يمتلك المجمع بالفعل قدرة تشغيلية مذهلة تبلغ 3,460 ميجاوات . يدعم هذا المشروع العملاق مرافق مثل مركز الابتكار التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) ومشروع رائد للهيدروجين الأخضر، مما يعكس التزام دبي بالبحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة . الطاقة للجميع: فهم مبادرة شمس دبي
بينما يعالج مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية توليد الطاقة على نطاق المرافق الخدمية، تعمل دبي أيضًا على تمكين سكانها وشركاتها من الانضمام إلى ثورة الطاقة الشمسية من خلال مبادرة شمس دبي . أُطلقت مبادرة شمس (وتعني 'Sun' باللغة العربية) في عام 2015، وهي برنامج مصمم لتشجيع تركيب ألواح الطاقة الشمسية الكهروضوئية (PV) على أسطح المنازل والمباني التجارية والمنشآت الصناعية في جميع أنحاء الإمارة . يمكنك اعتبارها بمثابة توليد موزع للطاقة – أي إنتاج الطاقة في المكان الذي تحتاج إليه بالضبط . تُعد هذه المبادرة جزءًا أساسيًا من كل من استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 (DCES 2050) واستراتيجية إدارة جانب الطلب (DSM)، مما يساعد دبي على تحقيق أهدافها في مجال الطاقة النظيفة من القاعدة إلى القمة، أو بالأحرى، من الأسطح نزولاً . الفكرة الأساسية بسيطة: قم بتوليد الكهرباء النظيفة الخاصة بك وربطها بسلاسة بشبكة هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) . التحول إلى الطاقة الشمسية في المنزل أو العمل: كيف تعمل مبادرة شمس دبي
إذن، كيف تعمل مبادرة شمس دبي فعليًا لصاحب منزل أو شركة؟ إنها مبنية على نظام ذكي يسمى نظام صافي القياس . أولاً، تتعاقد مع مقاول مسجل لدى هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) لتركيب ألواح الطاقة الشمسية على عقارك . تُستخدم الكهرباء المولدة مباشرة من قبل المبنى الخاص بك أولاً، مما يقلل من الكمية التي تحتاجها من الشبكة . إذا ولّدت طاقة أكثر مما تستهلك (كما يحدث في فترة ما بعد الظهيرة المشمسة)، فإن الكهرباء الفائضة تعود إلى شبكة هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) . تقوم هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) بتركيب عداد خاص ثنائي الاتجاه لتتبع هذا التدفق المتبادل . عندما تصل فاتورتك الشهرية، فإنك تدفع فقط مقابل الكمية الصافية من الكهرباء التي استهلكتها – أي الفرق بين ما استوردته من الشبكة وما صدرته إليها . إليك الجزء الرائع حقًا: إذا صدرت كمية أكبر مما استوردت في شهر ما، فلن تفقد هذه القيمة. بدلاً من ذلك، ستحصل على أرصدة بالكيلوواط/ساعة (kWh) في فاتورتك . يتم ترحيل هذه الأرصدة إلى أجل غير مسمى، مما يعني أنه يمكنك استخدام الطاقة الفائضة المولدة في الأشهر المشمسة لتعويض فواتيرك خلال الفترات الأقل إشراقًا أو أوقات الاستهلاك المرتفع . الفائدة الرئيسية؟ فواتير كهرباء أقل والمساهمة في جعل دبي أكثر اخضرارًا . تتضمن العملية التعاقد مع مقاول معتمد من هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) يتولى تقديم الطلب عبر المراحل الأربع الرئيسية للهيئة: الحصول على شهادة عدم ممانعة (NOC)، وموافقة التصميم، والفحص والتوصيل، وأخيرًا، التوليد . قد تحتاج أيضًا إلى موافقات من بلدية دبي أو سلطات أخرى حسب موقعك . تتولى هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) توصيل الشبكة وتركيب العداد . حلول الطاقة الشمسية: خيارات للسكان والشركات
سواء كنت تمتلك فيلا أو تدير شركة، فمن المحتمل أن يكون هناك حل للطاقة الشمسية يناسبك ضمن مبادرة شمس دبي . الإعداد الأكثر شيوعًا هو نظام الطاقة الكهروضوئية (PV) المرتبط بالشبكة، مما يعني أنه يعمل جنبًا إلى جنب مع شبكة الكهرباء الرئيسية . تشمل هذه الأنظمة ألواح الطاقة الشمسية (عادةً أحادية البلورة أو متعددة البلورات)، والعاكسات (لتحويل طاقة التيار المستمر DC إلى طاقة تيار متردد AC قابلة للاستخدام)، وهياكل التركيب المناسبة لأسطح دبي، والعدادات اللازمة . يجب أن تفي الألواح بمعايير هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA)، كما أن التركيب الصحيح، الذي يفضل أن يكون مواجهًا للجنوب ويتجنب الظل، هو مفتاح لزيادة الإنتاج إلى أقصى حد . بالنسبة للفلل السكنية، قد تتراوح أحجام الأنظمة النموذجية من 5 كيلوواط إلى 10 كيلوواط . بدأت التكاليف في الانخفاض، مع تقديرات تبلغ حوالي 4,500-5,000 درهم إماراتي لكل كيلوواط ذروة (kWp) للأنظمة الأصغر في أواخر عام 2023/أوائل عام 2024 . على الرغم من وجود استثمار أولي، غالبًا ما تُقدر فترة الاسترداد من خلال وفورات الفواتير بحوالي 8 سنوات أو أقل . الصيانة منخفضة نسبيًا، وتتضمن بشكل أساسي تنظيف الألواح عدة مرات في السنة . بالنسبة للعقارات التجارية والصناعية (C&I) مثل المستودعات أو المصانع أو مراكز التسوق، تكون الأنظمة عادةً أكبر، مما يؤدي غالبًا إلى تكلفة أقل لكل كيلوواط ذروة (kWp) . يمكن للشركات اختيار شراء النظام بالكامل (Capex) أو اختيار التأجير أو اتفاقية شراء الطاقة (PPA)، حيث يقوم طرف ثالث بتركيب النظام وامتلاكه، وتشتري الشركة الطاقة الشمسية بسعر مخفض، مما يوفر وفورات فورية دون أي تكلفة أولية . يمكن لمستخدمي القطاع التجاري والصناعي (C&I) تحقيق وفورات كبيرة، خاصةً في تعويض تعريفات الكهرباء المرتفعة خلال ساعات الذروة . الحفاظ على الإضاءة: دمج الطاقة الشمسية بسلاسة
حسنًا، الطاقة الشمسية رائعة، ولكن ماذا عن الأيام الغائمة أو الليل؟ يمثل دمج كميات كبيرة من مصدر متقطع مثل الطاقة الشمسية تحديات لأي مشغل شبكة . يتطلب ضمان بقاء الشبكة مستقرة وموثوقة عندما لا تكون الشمس مشرقة حلولاً ذكية . دبي تتعامل مع هذا التحدي بشكل مباشر. تعد استراتيجية الشبكة الذكية لهيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA)، المدعومة باستثمار قدره 7 مليارات درهم إماراتي، أمرًا بالغ الأهمية . يتضمن ذلك نشر العدادات الذكية، وأتمتة الشبكة، واستخدام الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين التنبؤ والتحكم . تعد أنظمة تخزين الطاقة (ESS) قطعة حيوية أخرى في هذا اللغز . تستثمر هيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) بكثافة في أنظمة تخزين طاقة البطاريات (BESS) واسعة النطاق، بما في ذلك نظام ضخم بقدرة 1,000 ميجاوات / 6,000 ميجاوات ساعة مخطط له إلى جانب المرحلة السابعة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية . ستوفر محطة حتا الفريدة للطاقة الكهرومائية بتقنية الضخ والتخزين أيضًا قدرة تخزين تبلغ 1,500 ميجاوات ساعة . علاوة على ذلك، يستكشف مشروع الهيدروجين الأخضر الرائد مسارًا آخر لتخزين الطاقة الشمسية . يساعد التنبؤ المتقدم بالذكاء الاصطناعي (AI) في توقع كل من توليد الطاقة الشمسية والطلب على الكهرباء، مما يسمح بإدارة استباقية للشبكة . يضمن الاستثمار المستمر في تحديث البنية التحتية للشبكة قدرتها على التعامل مع التدفقات الديناميكية للطاقة المتجددة . الطريق إلى الأمام: مستقبل دبي الشمسي
رحلة دبي في مجال الطاقة الشمسية لم تنته بعد؛ بل إنها تتسارع. يظل الالتزام بتحقيق 100% من قدرة إنتاج الطاقة النظيفة بحلول عام 2050 ثابتًا، مما يدفع بالتطورات المستقبلية . توقع استمرار توسيع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، مع المرحلة السابعة وما بعدها التي ستدفع بالقدرة نحو علامة 7,260 ميجاوات وربما تتجاوزها بحلول عام 2030 . ستستمر مبادرة شمس دبي أيضًا في النمو، مما يمكّن المزيد من السكان والشركات من توليد طاقتهم النظيفة الخاصة، وربما يكون ذلك مدفوعًا بتفويضات مستقبلية أو حوافز معززة . ستستمر اللوائح الداعمة، والاستثمارات الكبيرة من خلال نماذج مثل المنتج المستقل للطاقة/المياه (IPP/IWP)، وآليات التمويل مثل صندوق دبي الأخضر، في دعم هذا التحول . في نهاية المطاف، تتكامل هذه المبادرات الشمسية بشكل عميق مع أهداف دبي الأوسع للمدينة الذكية والتنمية المستدامة، مما يرسم صورة لمستقبل مشرق حقًا يعتمد على الطاقة الشمسية للإمارة . إن تفاني دبي في تسخير طاقة الشمس يضمن أن يكون مشهد الطاقة لديها مبتكرًا وتقدميًا مثل المدينة نفسها.