الزراعة في الصحراء؟ تبدو مهمة صعبة، أليس كذلك؟ ومع ذلك، تُعد الزراعة جزءًا حيويًا من رؤية الإمارات للمستقبل. عندما نتحدث عن "الخدمات الزراعية" (AFS) في الإمارات، وخاصة في دبي، فنحن لا نشير إلى مكتب واحد بعينه، بل إلى شبكة دعم كاملة تقدمها الحكومة بشكل رئيسي. اعتبرها بمثابة مجموعة أدوات مصممة لمساعدة المزارعين على الازدهار رغم الظروف القاسية مثل الأراضي القاحلة وندرة المياه. جهات فاعلة رئيسية مثل وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) وبلدية دبي (DM) تقود هذه الجهود، وتقدم مجموعة من الخدمات الحيوية لنجاح هذا القطاع. المهمة: لماذا تدعم الحكومة مزارعي الإمارات؟
إذن، لماذا تستثمر الحكومة كل هذا القدر في دعم المزارعين في الإمارات؟ الأمر يرجع إلى تحقيق بعض الأهداف الكبيرة جدًا. أولاً، تعزيز الأمن الغذائي الوطني هو أولوية قصوى؛ الهدف هو زراعة المزيد من الغذاء محليًا وتقليل الاعتماد على الواردات، بما يتماشى مع الاستراتيجية الوطنية الطموحة للأمن الغذائي 2051. ثانيًا، تعزيز الزراعة المستدامة أمر أساسي – فتشجيع التقنيات مثل الزراعة المائية (hydroponics) والزراعة العضوية يساعد في الحفاظ على المياه الثمينة وحماية البيئة. ثالثًا، يتعلق الأمر بدعم المزارعين الإماراتيين بشكل مباشر، وتزويدهم بالموارد والمعرفة والدعم المالي لإدارة مزارع مربحة ومستدامة، وهو ما يرتبط أيضًا بأهداف اجتماعية مثل أجندة دبي الاجتماعية 33. وأخيرًا، دفع عجلة الابتكار في التكنولوجيا الزراعية (AgriTech) يساعد في التغلب على تلك العقبات البيئية وزيادة الإنتاجية بشكل كبير. مقدمو الخدمات الرئيسيون: من يقدم الخدمات الزراعية؟
التنقل في نظام الدعم يعني معرفة من يقوم بماذا. على المستوى الاتحادي، تحدد وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) التوجه الوطني، وتضع السياسات والاستراتيجيات للزراعة والبيئة. تدير الوزارة برامج وطنية، وتوفر الموارد الأساسية مثل البذور والأسمدة (غالبًا ما تكون مدعومة)، وتشغل مراكز الإرشاد الزراعي في جميع أنحاء الإمارات، وتتولى تسجيل المزارع – وهي غالبًا الخطوة الأولى للحصول على المساعدة. في دبي على وجه التحديد، تتولى بلدية دبي (DM) القيادة المحلية من خلال إدارة الزراعة التابعة لها. يديرون مبادرات مثل برنامج "مزارع دبي"، ويقدمون الإرشاد، ويديرون مكافحة الآفات، ويخططون لشبكات الري، ويشغلون المشاتل، ويدعمون بشكل عام جهود الإنتاج المحلي. بينما تلعب وزارة التغير المناخي والبيئة وبلدية دبي دورًا محوريًا، يساهم لاعبون آخرون بشكل كبير. في أبوظبي، تلعب هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية (ADAFSA) دورًا مشابهًا لبلدية دبي. صناديق التنمية مثل صندوق خليفة، ببرنامجه "زراعي" الذي يقدم قروضًا بدون فوائد، وبنك الإمارات للتنمية (EDB)، الذي يوفر قروضًا مخصصة للتكنولوجيا الزراعية (AgriTech)، تقدم دعمًا ماليًا حاسمًا. لا تنسَ مراكز الأبحاث مثل مركز الابتكار الزراعي التابع لوزارة التغير المناخي والبيئة و "وادي تكنولوجيا الغذاء" في دبي (Dubai's Food Tech Valley)، التي تدفع حدود الممكن في مجال الزراعة. تصل هذه الخدمات إلى المزارعين من خلال مراكز الخدمة، والزيارات الميدانية للمزارع، وورش العمل، وبشكل متزايد، المنصات الإلكترونية. الخدمات والبرامج الأساسية للمزارعين
دعنا نفصّل المساعدة الفعلية المتاحة. يقدم نظام الدعم مزيجًا من المعرفة والموارد والروابط السوقية والتمويل.
التدريب والإرشاد ومشاركة المعرفة
الحصول على المعرفة الصحيحة أمر أساسي. تقدم وزارة التغير المناخي والبيئة برامج إرشادية للمزارع المسجلة، تغطي كل شيء بدءًا من وقاية النباتات والري وحتى مكافحة الآفات. حتى أنهم أطلقوا برنامجًا في عام 2024 خصيصًا لتعزيز مهارات مرشديهم الزراعيين، مما يضمن حصول المزارعين على أفضل النصائح من خلال التدريب وورش العمل والزيارات الميدانية للمزارع. كما تقدم بلدية دبي الإرشاد وورش العمل، بما في ذلك الدعم المخصص للمزارعين في مناطق مثل حتا. برامج مثل برنامج "زراعي" التابع لصندوق خليفة تتضمن أيضًا التدريب ضمن حزم الدعم الخاصة بها. غالبًا ما يكون التركيز على الأساليب الحديثة والفعالة مثل الزراعة المائية (hydroponics)، والزراعة العضوية، وتقنيات توفير المياه، والإدارة الفعالة للآفات المناسبة للبيئة المحلية. الوصول إلى الموارد والمستلزمات
امتلاك المواد المناسبة لا يقل أهمية عن معرفة كيفية استخدامها. تقدم وزارة التغير المناخي والبيئة دعمًا زراعيًا كبيرًا في الإمارات، حيث توفر للمزارعين الإماراتيين المؤهلين أشياء مثل البذور عالية الإنتاجية والأسمدة والمستلزمات العضوية بنسبة 50% من التكلفة، شريطة أن تكون مزارعهم مسجلة وتفي بالمعايير. يجب أن تكون مواطنًا إماراتيًا تدير مزرعتك المنتجة بنفسك وتسمح بزيارات الوزارة للتأهل. يساعد برنامج "مزارع دبي" التابع لبلدية دبي أيضًا من خلال تقديم مستلزمات مدعومة وأسعار تنافسية للآلات وأنظمة الري. نظرًا للمناخ، تعد إدارة المياه محور تركيز كبير، مع ترويج قوي لتقنيات توفير المياه. تساعد كل من وزارة التغير المناخي والبيئة وبلدية دبي في مكافحة الآفات، وتوفير المصائد والخدمات. تتوفر أيضًا الاختبارات المعملية، وأحيانًا تكون مطلوبة، من خلال المختبر المتنقل لبلدية دبي أو كجزء من برنامج "مزارع دبي". الوصول إلى الأسواق وفرص التواصل
زراعة منتجات رائعة شيء، وبيعها شيء آخر. تركز البرامج بشكل متزايد على ربط المزارعين بالمشترين. تربط مبادرة "مزارع دبي" المزارعين بشكل فعال بالموزعين، مثل الاتفاقية الموقعة مع GMG. يتضمن برنامج "زراعي" التابع لصندوق خليفة دعمًا تسويقيًا أيضًا. إنشاء منصات للتعاون، مثل جمعية المزارعين المخطط لها ضمن "مزارع دبي"، يساعد في بناء المجتمع. توفر الفعاليات مثل مهرجان حتا الزراعي، والأسواق المحلية، والمؤتمرات الصناعية الكبرى مثل AgroSummitX فرصًا لا تقدر بثمن للمزارعين لعرض منتجاتهم والتواصل والتعرف على الاتجاهات الجديدة. تجمع هذه اللقاءات الجميع معًا – المزارعين ومبتكري التكنولوجيا والمستثمرين وصناع السياسات. المساعدة المالية والتمويل
المال هو عصب الحياة، والزراعة ليست استثناءً. لحسن الحظ، هناك دعم مالي مخصص. يقدم بنك الإمارات للتنمية (EDB) قروضًا مخصصة للتكنولوجيا الزراعية (AgriTech Loans)، تصل إلى 5 ملايين درهم إماراتي مع شروط سداد مرنة مصممة للدورة الزراعية، مما يساعد المزارع على التوسع أو تبني تكنولوجيا جديدة. يقدم صندوق خليفة قروضًا بدون فوائد تصل إلى مليون درهم إماراتي عبر برنامجه "زراعي". لا تنسَ دعم المدخلات من وزارة التغير المناخي والبيئة، مما يقلل بشكل فعال من التكاليف التشغيلية. على الرغم من تركيزها الأوسع، تقدم الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي (AAAID) أيضًا قروضًا دوارة لصغار المزارعين في المنطقة. قد تكون هناك أيضًا منح محددة لتبني تقنيات مثل الزراعة المائية (hydroponics)، على الرغم من أن التفاصيل تتغير. مستقبل دعم المزارعين في الإمارات
بالنظر إلى المستقبل، يتطور مشهد الدعم بسرعة، مدفوعًا بالتكنولوجيا والروابط العالمية.
تبني التحول الرقمي
أصبحت التكنولوجيا محورية لنجاح الزراعة في الإمارات. تهدف منصات الزراعة الذكية، مثل تلك التي أُطلقت ضمن برنامج "مزارع دبي" التابع لبلدية دبي، إلى تعزيز الكفاءة وتزويد المزارعين بمعلومات فنية أفضل. يجري العمل على خطط لإنشاء نافذة رقمية موحدة لتسهيل تأسيس الأعمال الزراعية. يتم دمج البيانات والذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IoT) لتحسين استخدام المياه ومراقبة صحة المحاصيل والتنبؤ بالإنتاجية، باستخدام أدوات مثل صور الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي المتخصص مثل "CHAG". تعد الزراعة الدقيقة، التي تشمل الري الذكي والطائرات بدون طيار والروبوتات، مفتاحًا لاستخدام الموارد بحكمة. تعد رقمنة سلسلة التوريد أيضًا أولوية، مما يعزز إمكانية التتبع ويقلل من الفاقد. الأمر كله يتعلق بالزراعة بذكاء أكبر، وليس بمشقة أكبر فقط. تعزيز التعاون الدولي
الإمارات لا تسير بمفردها؛ فالشراكات الدولية حاسمة للتقدم. تستقطب وزارة التغير المناخي والبيئة خبراء عالميين لبرامج التدريب، ويعزز مركز الابتكار التابع لها تبادل المعرفة الدولي. الشراكات الاستراتيجية، مثل تعاون Bayer مع "سلال" (Silal) بشأن حلول الزراعة الرقمية للبيئات الصحراوية، تجلب أحدث التقنيات والخبرات. تشارك الإمارات بنشاط في مبادرات عالمية مثل "AIM for Climate" والمعهد العالمي للنمو الأخضر (GGGI)، وتشارك خبراتها الخاصة وتتعلم من الآخرين. بينما يعد الاستثمار في الزراعة في الخارج جزءًا من الاستراتيجية، فإن جذب الاستثمار والمواهب الدولية إلى قطاع التكنولوجيا الزراعية (AgriTech) المحلي من خلال مبادرات مثل "وادي تكنولوجيا الغذاء" (Food Tech Valley) والسماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100% لا يقل أهمية. يلعب التعاون الإقليمي داخل دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها أيضًا دورًا في تعزيز الأمن الغذائي. هذا النهج متعدد الجوانب، الذي يمزج الدعم التقليدي مع التكنولوجيا المتطورة والرؤى العالمية، يُظهر التزام الإمارات القوي. الهدف واضح: تنمية قطاع زراعي مرن ومستدام ومنتج يساهم بشكل كبير في الأمن الغذائي الوطني والازدهار، متغلبًا على التحديات الفريدة للمنطقة. يوفر نظام الدعم الشامل الذي يشمل وزارة التغير المناخي والبيئة وبلدية دبي وصناديق التنمية ومراكز الأبحاث أساسًا متينًا يمكن للمزارعين البناء عليه.
من المؤهل للحصول على دعم وزارة التغير المناخي والبيئة؟
بشكل عام، المزارعون الإماراتيون المسجلون الذين يديرون مزارعهم المنتجة بأنفسهم مؤهلون للحصول على دعم بنسبة 50% من وزارة التغير المناخي والبيئة على المدخلات مثل البذور والأسمدة، شريطة أن تكون تفاصيل المزرعة محدثة في نظام الوزارة وأن يسمحوا بالوصول للزيارات. أين يمكنني الحصول على التدريب؟
يتوفر التدريب والإرشاد من خلال عدة قنوات، بما في ذلك مراكز الإرشاد الزراعي التابعة لوزارة التغير المناخي والبيئة، والبرامج التي تديرها إدارة الزراعة ببلدية دبي (بما في ذلك الدعم في حتا)، وكجزء من الحزمة التي يقدمها برنامج "زراعي" التابع لصندوق خليفة. هل يوجد تمويل لتبني تكنولوجيا زراعية جديدة؟
نعم، يوجد دعم مالي محدد لتبني التكنولوجيا الزراعية (AgriTech). يقدم بنك الإمارات للتنمية (EDB) قروضًا للتكنولوجيا الزراعية تصل إلى 5 ملايين درهم إماراتي بشروط مناسبة للمزارعين، ويقدم صندوق خليفة قروضًا بدون فوائد تصل إلى مليون درهم إماراتي من خلال برنامجه "زراعي"، والتي يمكن أن تدعم تبني التكنولوجيا.