متحف الاتحاد: نافذتك إلى قصة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة
يقع متحف الاتحاد في جميرا بدبي، ويُعد معلمًا ثقافيًا وتاريخيًا بارزًا، يقدّم لك نظرة عميقة على ماضي الدولة . اسمه ذاته، "الاتحاد"، يجسّد مهمته الأساسية: وهي مشاركة القصة الملهمة لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971 . هذا المتحف ليس مجرد مبنى؛ بل هو رحلة عبر السنوات الحاسمة بين 1968 و1974، وهي الفترة التي شكّلت ملامح دولة الإمارات . هنا، ستكتشف كيف يحافظ المتحف بدقة على هذا التاريخ الغني ويُشيد بالآباء المؤسسين أصحاب الرؤية لدولة الإمارات . تحفة معمارية: رمزية منسوجة في التصميم
متحف الاتحاد هو أكثر من مجرد مساحة؛ فتصميمه بمثابة بيان عميق. اسم "الاتحاد" ذاته، يعكس تمامًا تفاني المتحف في سرد قصة توحيد الإمارات . المبنى، الذي صممته شركة الهندسة المعمارية الكندية مورياما وتيشيما، يخطف الأنظار فورًا . أبرز معالمه، السقف الأبيض المنحني الرائع، مستوحى من شكل وثيقة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، ليشبه مخطوطة أو لفافة تتدفق برشاقة . هذا ليس مجرد خيار جمالي؛ بل هو استعارة بصرية قوية لدستور دولة الإمارات . وتُضاف إلى هذه الرمزية سبعة أعمدة برونزية مستدقة. تُمثّل هذه الهياكل الأنيقة الأقلام التي استخدمها الآباء المؤسسون للتوقيع على الإعلان التاريخي، كما أنها ترمز إلى الإمارات السبع التي اتحدت لتشكيل الدولة . ومن المثير للاهتمام أن جزءًا كبيرًا من مساحة العرض يقع ببراعة تحت الأرض. يحافظ هذا التصميم على القدسية التاريخية للموقع، بما في ذلك دار الاتحاد الأصلية وقصر الضيافة . ويعزز المشهد الطبيعي المحيط والتصميم الداخلي التجربة بشكل أكبر، حيث يضم واجهة بحرية مُعاد إنشاؤها لعام 1971، وساحة واسعة، وبركًا ضوئية تعكس الهيكل، وتشطيبات رخامية نقية، ومنحوتة ضخمة لديباجة الدستور داخل الردهة المغطاة بالزجاج . أرض مقدسة: موقع المتحف ذو الأهمية التاريخية
موقع متحف الاتحاد في شارع جميرا ليس من قبيل الصدفة؛ فهو غارق في التاريخ، ويقع عند تقاطع شارع الثاني من ديسمبر – وهو اسم يخلّد ذكرى تاريخ تأسيس دولة الإمارات . هذا هو، بكل معنى الكلمة، مهد ولادة الأمة، حيث تم بناء المتحف على الأرض ذاتها التي تأسست فيها دولة الإمارات . أنت تسير على تراب صُنع فيه التاريخ. يقع مجمع المتحف في قلب هذا التاريخ، ويضم ويجاور دار الاتحاد الأصلية، المعروفة أيضًا باسم دار الاتحاد . هنا تحوّل حلم الدولة الموحدة إلى حقيقة. كما يحافظ الموقع على عناصر تراثية رئيسية أخرى، بما في ذلك سارية العلم التي يبلغ ارتفاعها 123 مترًا والتي تم ترميمها بدقة، وهي رمز وطني شامخ، ومجلس المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي لعب دورًا في المناقشات التي أدت إلى الوحدة . كل ركن في هذا الموقع يهمس بحكايات الماضي. داخل متحف الاتحاد: رحلة زمنية نحو الوحدة
الدخول إلى متحف الاتحاد يشبه العودة بالزمن إلى الوراء، والشروع في رحلة زمنية تسرد تفاصيل مسيرة الإمارات نحو الوحدة، مع التركيز بشكل أساسي على السنوات الممتدة بين 1968 و1974 . يبدأ السرد بلحظات محورية، مثل الاجتماع الحاسم عام 1968 بين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والذي وضع اللبنات الأساسية للاتحاد . الأجنحة التفاعلية تُعيد هذه الحقبة إلى الحياة: يعرض الجناح الثاني خريطة تفاعلية لمشهد ما قبل الاتحاد، ويقدم الجناح الثالث جدولًا زمنيًا تفاعليًا للأحداث التاريخية الرئيسية، ويعمل الجناح الرابع كدليل تفاعلي للعملية المعقدة لتشكيل الاتحاد . يُخصص جزء كبير من المتحف للآباء المؤسسين، مهندسي دولة الإمارات، مع تركيز خاص على الأدوار المحورية للشيخ زايد والشيخ راشد . تزين صور مهيبة للحكام السبعة الجدران، وتكملها شاشات تفاعلية تتيح لك استكشاف الصور التاريخية ومشاهدة مقاطع الفيديو والتعمق في أشجار عائلات هؤلاء القادة أصحاب الرؤى . جناح الآباء المؤسسين مخصص بشكل خاص لإرثهم ومساهماتهم . يمكنك أيضًا مشاهدة مقتنيات شخصية تعود للحكام، بعضها يُعرض للمرة الأولى، بفضل تبرعات من أصحاب السمو أولياء العهود من خلال حملة "لنحافظ على إرثنا"، بما في ذلك أشياء مثل جواز سفر الشيخ أحمد بن راشد المعلا وساعته وخنجره . تتوّج القصة بالتوقيع التاريخي للإعلان في 2 ديسمبر 1971 . يُعد الجناح السادس من أبرز المعالم، حيث يعرض دستور دولة الإمارات ووثيقة الإعلان الفعلية التي وُلدت منها الأمة . بعد ذلك، يُفتتح الجناح السابع كمعرض يحتفي بالدولة الوليدة وإنجازاتها المبكرة . يتفوق المتحف حقًا في سرده القصصي الغامر والتفاعلي، مستخدمًا عروض الوسائط المتعددة، والبيئات التاريخية المُعاد إنشاؤها، وثروة من الصور ومقاطع الفيديو الأرشيفية لرسم صورة حية لتلك الحقبة . على سبيل المثال، يعرض الجناح الأول فيلمًا وثائقيًا يفصّل تاريخ دولة الإمارات، ويقدم سياقًا أساسيًا . المشاركة الرقمية أساسية، مع جداول زمنية تفاعلية، واختبارات، وحتى ميزة تتيح لك تجربة ارتداء الملابس التقليدية افتراضيًا . مع ثمانية معارض دائمة ومساحة عرض مؤقتة واحدة، هناك دائمًا شيء جديد لتكتشفه . دار الاتحاد: حيث وُلدت دولة الإمارات
في قلب مجمع متحف الاتحاد تقع دار الاتحاد – المهد الرسمي لدولة الإمارات العربية المتحدة . في هذا المبنى الدائري التاريخي، في 2 ديسمبر 1971، اجتمع حكام أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة للتوقيع على "إعلان الاتحاد"، مع انضمام رأس الخيمة إلى الاتحاد في أوائل عام 1972 . تم ترميم المبنى بدقة ليعود إلى حالته الأصلية في السبعينيات، وهي عملية تضمنت الحصول على ورق جدران من الهند وسجاد من ألمانيا ليتناسب مع الديكور الأصلي، بل ويضم الطاولة والكراسي الأصلية التي استخدمها المؤسسون . كان دار الاتحاد في الأصل جزءًا من المقر الصيفي للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وأصبح المكان التاريخي الذي لم يتم فيه توقيع الإعلان فحسب، بل تم فيه أيضًا انتخاب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كأول رئيس والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائبًا للرئيس . اليوم، يمكنك كزائر لمتحف الاتحاد الدخول إلى هذه الغرفة بالذات، لتستشعر الأجواء العميقة حيث تم تشكيل مصير دولة الإمارات، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ ومؤثرًا للغاية من تجربة المتحف . منارة للمعرفة: دور المتحف الوطني والتعليمي
متحف الاتحاد هو أكثر بكثير من مجرد مجموعة من المقتنيات التاريخية؛ إنه مؤسسة وطنية وتعليمية حيوية مكرسة للحفاظ على تراث الإمارات المتعدد الأوجه، والذي يشمل تاريخها الاجتماعي والسياسي والثقافي والعلمي والعسكري . يتم تشجيع المشاركة المجتمعية بنشاط، لا سيما من خلال مبادرات مثل حملة "لنحافظ على الإرث"، التي تدعو المواطنين للمساهمة بمقتنيات تاريخية . كما يدعم المتحف النمو الفكري من خلال تعزيز البحث عبر برامج نشر نشطة وبرنامج منح متحف الاتحاد البحثية، الذي يهدف إلى تعميق فهم التاريخ والثقافة الإماراتية . جزء أساسي من مهمته هو تثقيف المواطنين والمقيمين والسياح حول تأسيس دولة الإمارات ودستورها والحقوق والمسؤوليات التي تترتب عليه . يتم تحقيق ذلك من خلال المعارض القائمة على التجربة، والبرامج التفاعلية الجذابة، ومركز تعليمي مخصص، وورش عمل، وجولات إرشادية، والتي تحظى بشعبية خاصة لدى المجموعات المدرسية . المشاركة الثقافية أساسية أيضًا، مع فعاليات مثل الموسم الثقافي "أصداء المستقبل"، الذي يستمر حتى مايو 2025، ويقدم محادثات وورش عمل لزيادة إثراء فهم الجمهور . التخطيط لزيارتك إلى متحف الاتحاد
هل أنت مستعد لاستكشاف هذه الجوهرة التاريخية؟ يقع متحف الاتحاد في موقع مناسب في شارع جميرا، عند تقاطعه مع شارع الثاني من ديسمبر، في جميرا 1، دبي . الوصول إلى المتحف سهل، سواء بالسيارة أو بسيارة الأجرة. لمستخدمي وسائل النقل العام، تعد محطة مترو الجافلية على الخط الأحمر هي الأقرب، تليها رحلة قصيرة بسيارة الأجرة؛ بدلاً من ذلك، تبعد محطة مترو الاتحاد حوالي 10 دقائق سيرًا على الأقدام . تخدم المنطقة أيضًا العديد من خطوط الحافلات، بما في ذلك 7، C10، X13، X28، و8، وتتوقف في محطة اينوك الضيافة القريبة . تتوفر مواقف سيارات مجانية وواسعة تحت الأرض لأولئك الذين يقودون سياراتهم . يستقبل المتحف الزوار عادةً يوميًا من الساعة 10:00 صباحًا حتى 8:00 مساءً، مع آخر دخول في الساعة 7:00 مساءً . أسعار التذاكر معقولة جدًا: 25 درهمًا إماراتيًا للبالغين، و20 درهمًا إماراتيًا للشخص الواحد للمجموعات، و10 دراهم إماراتية للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 5-25 عامًا (قد يُطلب إبراز بطاقة الطالب) . يتمتع الأطفال دون سن الخامسة وأصحاب الهمم بدخول مجاني . يمكنك حجز تذاكرك عبر الإنترنت من خلال المواقع الرسمية للمتحف (etihadmuseum.dubaiculture.ae أو dubaiculture.gov.ae) أو شراؤها عند الوصول . من الجيد دائمًا التحقق من الموقع الرسمي للحصول على أحدث المعلومات حول ساعات العمل والأسعار قبل زيارتك. لتعزيز تجربتك، تتوفر جولات إرشادية يوميًا، غالبًا ما تكون مجدولة في الساعة 11:00 صباحًا، و1:00 ظهرًا، و3:00 عصرًا، و5:00 مساءً . المتحف مجهز جيدًا بالمرافق بما في ذلك مكتبة، ومركز تعليمي، وقاعة عرض مؤقتة، ومطعم/مقهى، ومتجر هدايا تذكارية . كما تتوفر خدمة الواي فاي المجانية وغرف للصلاة . والأهم من ذلك، أن متحف الاتحاد متاح بالكامل لأصحاب الهمم، حيث يتميز بممرات واسعة ومصاعد ومنحدرات وكراسي متحركة مجانية . لأولئك الذين لا يستطيعون الزيارة شخصيًا، تتوفر جولة افتراضية في متحف الاتحاد عبر الإنترنت، مما يجعل كنوزه التاريخية متاحة عالميًا . من يجب أن يزور متحف الاتحاد؟
بصراحة، يقدم متحف الاتحاد شيئًا للجميع. إذا كنت سائحًا، فإنه يوفر فرصة رائعة لفهم تاريخ وثقافة الإمارات الغنية بما يتجاوز أفقها الحديث ومراكز التسوق الصاخبة . بالنسبة للوافدين والمقيمين، سواء الجدد أو القدامى، فإنه يقدم معرفة أساسية حول ولادة الأمة وتراثها، مما يعزز ارتباطًا أعمق بالبلد. ستجده العائلات والطلاب موردًا تعليميًا جذابًا وتفاعليًا، يعيد التاريخ إلى الحياة بطريقة لا تستطيع الكتب المدرسية غالبًا القيام بها . وبالطبع، بالنسبة لعشاق التاريخ، يعد المتحف كنزًا دفينًا، حيث يقدم استكشافًا مفصلاً لفترة محورية في التاريخ العربي الحديث وتشكيل دولة الإمارات . إنه مكان يُكافأ فيه الفضول ويتعمق فيه الفهم. متحف الاتحاد هو حقًا أكثر من مجرد مجموعة من التحف؛ إنه يقف كمؤسسة ديناميكية تشكل فهمنا لماضي الإمارات وحاضرها ومستقبلها بفعالية . التجربة القوية التي يقدمها هي مزيج فريد من هندسته المعمارية ذات الرمزية العميقة، وموقعه المشحون تاريخيًا حيث وُلدت الأمة، ومعارضه الغامرة بشكل لا يصدق . إنه بمثابة إرث دائم، يشيد إشادة عميقة بالآباء المؤسسين أصحاب الرؤى والروح الإماراتية الصامدة، مما يضمن استمرار قصتهم في إلهام الأجيال القادمة .