قد يبدو التعامل مع الأمور الأسرية في مكان متنوع مثل دبي معقدًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالطلاق . فمع وجود مقيمين من جميع أنحاء العالم، طورت دولة الإمارات نظامًا قانونيًا فريدًا لمعالجة قضايا الأحوال الشخصية . الأمر الأساسي الذي يجب أن تفهمه هو أن قوانين الطلاق المختلفة قد تنطبق عليك اعتمادًا على ديانتك والخيارات التي تتخذها . بشكل أساسي، نحن ننظر إلى القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005، المستمد من مبادئ الشريعة الإسلامية، والمرسوم بقانون اتحادي الأحدث رقم 41 لسنة 2022، الذي قدم إطارًا مدنيًا لغير المسلمين . يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على مسارات الطلاق المختلفة المتاحة في دبي حاليًا، ومساعدتك على فهم أحدث المستجدات في المشهد القانوني . التقسيم الأساسي: من يخضع لأي قانون؟
إذًا، كيف تعرف أي قانون ينطبق عليك؟ يعتمد التمييز الرئيسي على الديانة . إذا كان كلا الزوجين مسلمين، أو إذا كان الزوج مسلمًا والزوجة غير مسلمة، فإن إجراءات الطلاق تخضع عمومًا للقانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005، الذي يطبق مبادئ الشريعة الإسلامية . ومع ذلك، إذا كان كلا الزوجين من الوافدين غير المسلمين، فلديهم الخيار: يمكنهم اختيار قانون الطلاق المدني الإماراتي بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 41 لسنة 2022، أو يمكنهم طلب تطبيق قوانين الطلاق في بلدهم الأصلي . هذا التحديد الأولي حاسم لأنه يحدد العملية برمتها، بدءًا من أسباب الطلاق إلى التسويات المالية المحتملة وحتى ترتيبات حضانة الأطفال . الطلاق بموجب مبادئ الشريعة (القانون الاتحادي 28/2005)
بالنسبة للأزواج المسلمين، أو أولئك الذين يكون الزوج فيهم مسلمًا، يتم الطلاق في دبي بموجب إطار القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005، المستند إلى الشريعة . لبدء الإجراءات في محاكم الإمارات، تنطبق عادةً متطلبات إقامة معينة؛ عادةً ما يحتاج الشخص المطلوب تطليقه إلى العيش أو العمل في دبي، أو يجب أن يعيش الشخص الذي يرفع الدعوى هناك إذا لم يكن الطرف الآخر مقيمًا . غالبًا ما يُتوقع حد أدنى للإقامة لمدة ستة أشهر . ولكن قبل أي معركة قضائية، هناك خطوة أولى إلزامية: لجنة التوجيه الأسري . فكر فيها كجلسة وساطة إلزامية يحاول فيها المستشارون مساعدة الزوجين على التصالح . فقط إذا فشلت المصالحة، تنتقل القضية إلى المحكمة الابتدائية . عندما يتعلق الأمر ببدء الطلاق فعليًا، توفر الشريعة الإسلامية طرقًا مختلفة . يمكن للزوج أن يلفظ الطلاق، وهو في الأساس فسخ الزواج لفظيًا أو كتابيًا، غالبًا دون الحاجة إلى سبب محدد، على الرغم من أنه يجب تسجيله في المحكمة . هناك مراحل للطلاق، مع إمكانيات للمصالحة في وقت مبكر . يمكن للزوجة أن تطلب الطلاق عن طريق الخُلع، وهو الطلاق بالاتفاق، وعادة ما يتضمن إعادة المهر (المهر) أو تعويض آخر، وغالبًا ما تستشهد بأسباب مثل عدم التوافق . يمكن لكلا الزوجين أيضًا تقديم طلب للطلاق بناءً على أسباب محددة (التطليق)، مثل الضرر المثبت (مثل الإساءة)، أو العيوب التي تمنع العلاقات الزوجية، أو فشل الزوج في توفير النفقة، أو الهجر، أو السجن، أو عدم دفع المهر . غالبًا ما يتطلب إثبات هذه الأسباب أدلة قوية، مثل التقارير الطبية أو شهادة الشهود . بعد بدء إجراءات الطلاق (ما لم يكن خُلعًا)، تلتزم الزوجة بفترة انتظار تسمى العدّة، وعادة ما تكون حوالي ثلاثة أشهر أو حتى الولادة إذا كانت حاملًا . تؤكد هذه الفترة حالة الحمل، وعادة ما يوفر الزوج النفقة خلال هذا الوقت؛ ولا تزال المصالحة ممكنة في حالات الطلاق الرجعي . يمكن أن تشمل التسويات المالية بموجب الشريعة أمورًا مثل الجزء المؤجل من المهر، ونفقة العدّة (نفقة العدّة)، وأحيانًا تعويض (المتعة) للزوجة . المسار المدني: طلاق غير المسلمين (القانون الاتحادي 41/2022)
حدث تحول كبير مع المرسوم بقانون اتحادي رقم 41 لسنة 2022، الذي أنشأ مسار طلاق متميزًا للمقيمين غير المسلمين في الإمارات الذين يختارون هذا الخيار . ينطبق هذا القانون في جميع أنحاء الإمارات ويقدم بديلاً علمانيًا . أبرز ما يميزه؟ الطلاق بدون خطأ . بصراحة، هذا يغير قواعد اللعبة بالنسبة للعديد من الوافدين. يمكن لأي من الزوجين ببساطة أن يعلن رغبته في الانفصال أمام المحكمة، ويمكن منح الطلاق دون الحاجة إلى إثبات ارتكاب مخالفات مثل الزنا أو الإساءة أو الهجر . يمكنك تقديم الطلب معًا أو بشكل فردي . تم تصميم الإجراء نفسه ليكون أبسط وأسرع بكثير من عملية الطلاق الشرعي . والأهم من ذلك، أن التوقف الإلزامي في لجنة التوجيه الأسري للوساطة غير مطلوب للطلاق بموجب هذا القانون المدني . بل من الممكن أن يصدر حكم الطلاق في الجلسة الأولى للمحكمة بمجرد إخطار الطرف الآخر . يؤكد هذا القانون أيضًا على المساواة، مما يمنح كلا الزوجين نفس الحق في بدء إجراءات الطلاق . اختلاف رئيسي آخر هو عدم وجود فترة انتظار العدّة؛ يكون الطلاق نهائيًا بمجرد إصدار القاضي للحكم . ماذا عن الأمور المالية؟ بعد إتمام الطلاق بموجب القانون المدني، يمكن للزوجة التقدم بطلب للحصول على النفقة (الدعم المالي) . لدى القاضي قائمة بالعوامل التي يجب مراعاتها عند تحديد النفقة، بما في ذلك مدة الزواج، وعمر الزوجة، والوضع المالي لكلا الطرفين، ودور الزوج (إن وجد) في التسبب في الطلاق، وأي خسائر مالية لحقت، وجهود الأم في رعاية الأطفال . يمكن أن تُسقط هذه النفقة إذا تزوجت الزوجة مرة أخرى أو إذا انتهت حضانتها للأطفال . قد يتم أيضًا منح دعم مؤقت أثناء الإجراءات . يتم التعامل مع هذه القضايا من قبل محاكم أسرة خاصة لغير المسلمين أو دوائر مخصصة . الخيار الثالث: تطبيق قانون الطلاق في بلدك الأصلي
بالنسبة للوافدين غير المسلمين في دبي، هناك مسار محتمل آخر إلى جانب القانون المدني الإماراتي الجديد: طلب تطبيق قوانين الطلاق في بلدك الأصلي . هذا الحق معترف به، مما يسمح لك باحتمالية اتباع مبادئ قانونية مألوفة . ومع ذلك، فإن اختيار هذا المسار ليس دائمًا مباشرًا . يجب عليك أن تطلب تحديدًا من محكمة إماراتية تطبيق قانونك الأجنبي . وهنا تكمن المشكلة: يقع عليك عبء إثبات ما ينص عليه قانون بلدك الأصلي بالفعل . هذا يعني عادةً الحصول على نسخ رسمية من القوانين ذات الصلة، وترجمتها ترجمة احترافية إلى اللغة العربية، وتصديق كل شيء بشكل صحيح من خلال السفارات والوزارات . كما يمكنك أن تتخيل، يمكن أن يكون هذا مستهلكًا للوقت ومكلفًا . علاوة على ذلك، هناك عقبة كبيرة تُعرف باسم "استثناء النظام العام". لن تطبق المحاكم الإماراتية أي جزء من قانون أجنبي إذا كان يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية أو النظام العام والآداب في الإمارات . لذا، على الرغم من وجود الخيار، إلا أنه يأتي مع تعقيدات مقارنة بالعملية التي قد تكون أكثر تبسيطًا بموجب قانون الطلاق المدني الإماراتي (القانون 41/2022) . الطلاق الشرعي مقابل الطلاق المدني: الفروق الرئيسية في لمحة سريعة
دعنا نحلل بسرعة الفروق الرئيسية بين نظامي الطلاق الأساسيين في الإمارات بناءً على البحث:
الأساس القانوني: يتبع الطلاق الشرعي المبادئ الإسلامية ، بينما يتبع الطلاق المدني مبادئ مدنية علمانية حديثة . اشتراط الخطأ: غالبًا ما يتطلب الطلاق الشرعي أسبابًا (لـالتطليق) أو يكون حقًا محددًا (الطلاق)، في حين أن الطلاق المدني "بدون خطأ" بشكل صريح . الوساطة: المصالحة الإلزامية عبر لجنة التوجيه الأسري مطلوبة قبل إجراءات المحكمة الشرعية ، ولكنها معفاة في قضايا الطلاق المدني . فترة العدّة: تنطبق فترة انتظار (العدّة) بعد الطلاق الشرعي ، ولكن ليس بعد الطلاق المدني . بدء الإجراءات: لدى الشريعة الإسلامية آليات محددة مثل الطلاق (حق الزوج) والخُلع (حق الزوجة عن طريق الاتفاق) ، بينما يمنح القانون المدني حقوقًا متساوية لأي من الزوجين لرفع الدعوى . النفقة: تتبع التسويات المالية في الطلاق الشرعي إرشادات إسلامية محددة (المهر، نفقة العدّة، المتعة) ، بينما يتم تحديد النفقة في الطلاق المدني بعد الطلاق بناءً على تقييم عوامل مختلفة مثل مدة الزواج والوضع المالي . التأثير على الأطفال: ملاحظة موجزة حول الحضانة
بطبيعة الحال، يثير الطلاق قضية حضانة الأطفال الحاسمة . يختلف النهج بشكل كبير اعتمادًا على الإطار القانوني الذي يحكم الطلاق . ومع ذلك، فإن المبدأ التوجيهي دائمًا هو "المصلحة الفضلى للطفل"، والتي يعززها قانون وديمة الإماراتي . بموجب القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 المستند إلى الشريعة، هناك تمييز بين 'الحاضن' (عادة الأم، المسؤولة عن الرعاية اليومية) و 'الولي' (عادة الأب، المسؤول عن الشؤون المالية والقرارات الرئيسية) . عادةً ما تحتفظ الأم بحضانة الأولاد حتى سن 11 عامًا والبنات حتى 13 عامًا، على الرغم من أن المحكمة يمكن أن تمدد هذه المدة . في المقابل، يقدم القانون المدني الجديد (القانون الاتحادي 41/2022) الحضانة المشتركة كخيار افتراضي لغير المسلمين . هذا يعني أن كلا الوالدين يتقاسمان الحقوق والمسؤوليات بالتساوي حتى يبلغ الطفل 18 عامًا . ضع في اعتبارك أن هذا مجرد نظرة عامة موجزة؛ فالحضانة بحد ذاتها مجال معقد يتطلب غالبًا تقييمًا قانونيًا مفصلاً . الخطوات العملية والاعتبارات الأساسية
مواجهة الطلاق في دبي تتضمن التعامل مع نظام قانوني معقد، لذا فإن اتخاذ خطوات عملية أمر أساسي . أولاً وقبل كل شيء، اطلب المشورة القانونية المتخصصة . نظرًا للتداخل بين الشريعة والقانون المدني والقوانين الأجنبية المحتملة، يوصى بشدة باستشارة محامي أسرة إماراتي من ذوي الخبرة في قضايا الوافدين . يمكنهم مساعدتك في فهم الفروق الدقيقة والنتائج المحتملة بناءً على وضعك الخاص . بالنسبة لغير المسلمين، من الضروري حقًا فهم الاختيار بين استخدام القانون المدني الإماراتي (القانون 41/2022) ومحاولة تطبيق قانون بلدك الأصلي . لكل مسار إجراءات ومتطلبات وآثار محتملة مختلفة . جهز أوراقك مبكرًا - وهذا يشمل شهادات الزواج، وبطاقات الهوية الإماراتية، وشهادات ميلاد الأطفال، وربما نسخًا مصدقة ومترجمة من القوانين الأجنبية إذا كنت تخطط لاستخدامها . أخيرًا، تذكر أن الاختصاص القضائي هو المفتاح؛ تحتاج المحاكم الإماراتية عمومًا إلى إثبات الإقامة للتعامل مع قضية طلاقك . يبدأ اتخاذ القرارات المستنيرة بفهم خياراتك والحصول على التوجيه الصحيح .