دبي ليست مجرد مدينة عالمية متألقة؛ بل هي مركز قوة في تجارة الأغذية العالمية، وتعمل كبوابة حيوية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا (MEASA) . وبالنظر إلى أن الإمارات تستورد ما بين 80% إلى 90% من احتياجاتها الغذائية، فإن وجود بنية تحتية قوية ولوائح واضحة يعد أمرًا ضروريًا . يهدف هذا الدليل إلى تبسيط التعقيدات، مقدمًا لك مسارًا واضحًا للشركات التي تتطلع إلى استيراد أو تصدير المواد الغذائية عبر هذا المركز الحيوي . سنتناول الجهات الفاعلة الرئيسية، والوثائق اللازمة، والتكاليف، ومعايير الجودة، وقواعد الحلال، وتلك التفاصيل الهامة المتعلقة بالملصقات الغذائية. من هي الجهات المسؤولة؟ شرح للهيئات التنظيمية الرئيسية
إن فهم لوائح الغذاء في دبي يعني معرفة من يتخذ القرارات. الأمر عبارة عن مزيج من السلطات الاتحادية والمحلية على مستوى الإمارة تعمل معًا . على المستوى الاتحادي، تضع وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) معايير سلامة الغذاء الرئيسية، وتشرف على الواردات، وتعمل كنقطة اتصال أساسية لمسائل الصحة والصحة النباتية (SPS) . ثم هناك وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة (MoIAT)، التي حلت محل هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (ESMA)؛ وهي تتولى مسؤولية المعايير الوطنية، وتقييمات المطابقة (مثل نظام تقييم المطابقة الإماراتي ECAS)، وإطار عمل الحلال الحاسم، وقضايا العوائق الفنية أمام التجارة (TBT) . وبالتركيز على دبي، فإن بلدية دبي (DM)، وتحديدًا إدارة سلامة الغذاء التابعة لها، هي الجهة التنفيذية الميدانية، حيث تقوم بتطبيق القواعد، وإجراء عمليات التفتيش، وإدارة نظام FIRS الأساسي، وإنفاذ قانون دبي للأغذية . وأخيرًا، تدير جمارك دبي عملية التخليص الجمركي الفعلية للبضائع في الموانئ . البدء: التراخيص وتسجيل المنتجات
قبل أن تفكر حتى في الشحن، هناك بعض المتطلبات الأساسية لاستيراد المواد الغذائية إلى دبي. أولاً، تحتاج شركتك إلى رخصة تجارية سارية المفعول صادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية المعنية (DED) . إلى جانب ذلك، يجب عليك التسجيل لدى وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) للحصول على رمز مستورد . والآن، إليك خطوة حاسمة: كل مادة غذائية تخطط لاستيرادها أو إعادة تصديرها، وصولاً إلى أحجام العبوات المختلفة لنفس المنتج، يجب تسجيلها قبل وصولها إلى دبي . يتم هذا التسجيل عبر الإنترنت من خلال نظام تسجيل واستيراد وإعادة تصدير المواد الغذائية (FIRS) التابع لبلدية دبي . لا تتجاهل هذه الخطوة؛ فهي إلزامية . ومن الجدير بالذكر أيضًا وجود البوابة الاتحادية "زاد" (ZAD)، للامتثال الأوسع لقوانين الغذاء في الإمارات . إن إنجاز هذه التسجيلات مقدمًا هو مفتاح لعملية سلسة. المسار الورقي: الوثائق الأساسية للتخليص الجمركي
بصراحة، إن إعداد وثائقك بشكل صحيح يمثل نصف المعركة عند استيراد المواد الغذائية إلى دبي . الدقة والاكتمال أمران غير قابلين للتفاوض . ستحتاج عادةً إلى مجموعة أساسية من الوثائق للتخليص الجمركي . وتشمل هذه فاتورة تجارية توضح تفاصيل البضائع وقيمتها، وقائمة تعبئة مفصلة (تشمل الأوزان ورموز النظام المنسق HS)، ووثيقة النقل، إما بوليصة شحن بحري (للشحن البحري) أو بوليصة شحن جوي (للشحن الجوي) . ستحتاج أيضًا إلى شهادة منشأ معتمدة من غرفة التجارة في بلد التصدير . والأهم من ذلك، يلزم تقديم شهادة صحية أصلية من الجهة الحكومية المعنية في بلد المنشأ، تؤكد أن الغذاء صالح للاستهلاك الآدمي . بالنسبة لمنتجات اللحوم والدواجن، تعد شهادة حلال أصلية إلزامية، وهنا النقطة المهمة: يجب أن تصدر عن هيئة إسلامية معتمدة خصيصًا من قبل السلطات الإماراتية (MoIAT/ESMA) في بلد المنشأ . بالنسبة للمنتجات النباتية مثل الحبوب أو الخضروات، تلزم شهادة صحة نباتية . اعتمادًا على المنتج أو المنشأ، قد تحتاج أيضًا إلى شهادات إضافية، مثل شهادات خلو من الكائنات المعدلة وراثيًا، أو شهادة عضوية، أو إفادات صحية محددة بخصوص مستويات الديوكسين أو المبيدات الحشرية . نقطة حرجة: عدم تقديم شهادات الصحة والحلال الأصلية والصحيحة يمكن أن يؤدي إلى احتجاز شحنتك أو حتى إعادة تصديرها على نفقتك الخاصة . تأكد من أن جميع الوثائق باللغة الإنجليزية أو مصحوبة بترجمة معتمدة . التكاليف والإجراءات: التعريفات والرسوم الجمركية والجمارك
لنتحدث عن المال والإجراءات. تعمل دولة الإمارات ضمن إطار التعريفة الجمركية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي (GCC) . بالنسبة لمعظم المواد الغذائية، يعني هذا رسمًا جمركيًا قياسيًا بنسبة 5% يُحسب على أساس قيمة CIF (التكلفة والتأمين والشحن) . ومع ذلك، هناك أخبار جيدة: العديد من المواد الغذائية الأساسية، مثل الفواكه والخضروات الطازجة، وبعض اللحوم والأسماك والحبوب، غالبًا ما تكون معفاة من هذا الرسم . قد يتم أيضًا تطبيق ضريبة قيمة مضافة (VAT) بنسبة 5% أثناء الاستيراد، على الرغم من أن الشركات المسجلة يمكنها غالبًا تأجيل هذا الدفع . إذا كنت تستخدم مناطق دبي الحرة لإعادة التصدير، فيمكنك غالبًا الاستفادة من العبور المعفى من الرسوم الجمركية، وهي ميزة كبيرة . تتضمن عملية التخليص الجمركي نفسها تقديم جميع مستنداتك، وفحوصات محتملة على القيمة المصرح بها من قبل جمارك دبي، وأخيرًا، التفتيش من قبل مسؤولي بلدية دبي مباشرة في ميناء الدخول . تحقيق المعايير: مراقبة الجودة ومعايير سلامة الغذاء
تأخذ دولة الإمارات سلامة الغذاء على محمل الجد، وتعمل بموجب القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2015 بشأن سلامة الأغذية الشامل . وتشرف وزارة التغير المناخي والبيئة (MOCCAE) على هذه المعايير الصارمة اتحاديًا، وتتوافق مع المعايير الدولية مثل هيئة الدستور الغذائي (Codex Alimentarius) . في دبي، تطبق البلدية هذه المعايير من خلال قانون دبي للأغذية المفصل، الذي يحدد متطلبات محددة للمنشآت الغذائية . ويعد التطبيق الإلزامي لأنظمة تعتمد على نظام تحليل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة (HACCP) لمعظم شركات الأغذية، بما في ذلك المطاعم والمصانع ومتعهدي تقديم الطعام، حجر الزاوية في الامتثال . يتضمن نظام HACCP تحديد المخاطر المحتملة، وإنشاء نقاط تحكم حرجة (CCPs) لإدارتها، ووضع الحدود، وإجراءات المراقبة، وتحديد الإجراءات التصحيحية، والاحتفاظ بسجلات دقيقة . وفي حين أن نظام HACCP غالبًا ما يكون الحد الأدنى، فإن الحصول على شهادة ISO 22000، وهي معيار أوسع لنظام إدارة سلامة الغذاء، يُعترف به كمعيار أعلى . علاوة على ذلك، تحتاج المنشآت الغذائية في دبي بشكل عام إلى مسؤول معتمد (PIC) أكمل تدريبًا إلزاميًا على سلامة الغذاء . شهادة الحلال: مطلب غير قابل للتفاوض
بالنسبة للشركات التي تتعامل مع اللحوم أو الدواجن أو أي منتجات تحتوي على مشتقات حيوانية (ما لم يتم تصنيفها بوضوح على أنها لحم خنزير، والذي له قواعد تعامل خاصة به)، فإن شهادة الحلال ليست مجرد توصية؛ بل هي إلزامية . التفصيل الحاسم هنا هو أن شهادة الحلال يجب أن تصدر عن هيئة إسلامية في بلد المنشأ معترف بها وموافق عليها رسميًا من قبل السلطات الإماراتية، وتحديدًا وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة (MoIAT) (سابقًا ESMA) . تحتفظ MoIAT بقوائم بهذه الهيئات الدولية المعتمدة، لذا فإن التحقق أمر أساسي . تؤكد الشهادة الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالطعام، بما في ذلك طرق الذبح الموضحة في معايير مثل المواصفة الإماراتية ESMA UAE.S/GSO 993 . يجب أن تعرض المنتجات المعتمدة بشكل صحيح أيضًا شعار حلال معتمد على عبواتها . ارتكاب خطأ في هذا الأمر يمكن أن يوقف شحنتك تمامًا. إعداد الملصقات بشكل صحيح: قواعد التعبئة والتغليف ووضع العلامات
لا تستهنْ بقوة الملصق الغذائي في دبي – فإعداده بشكل صحيح أمر بالغ الأهمية للامتثال وثقة المستهلك . تستند اللوائح في المقام الأول إلى مواصفات هيئة التقييس لدول مجلس التعاون (GSO)، مثل المواصفة القياسية الرئيسية GSO 9 الخاصة بالأغذية المعبأة مسبقًا . الأمر الضروري للغاية هو وجود اللغة العربية على الملصق؛ وفي حين أن الملصقات ثنائية اللغة (عربي/إنجليزي) شائعة جدًا ومقبولة، فإن المعلومات باللغة العربية إلزامية . يُسمح باستخدام الملصقات للغة العربية بشروط معينة، مثل وضعها قبل التصدير والتأكد من أنها لا تغطي المعلومات الإلزامية الأصلية . تشمل المعلومات الأساسية المطلوبة اسم المنتج والعلامة التجارية، وقائمة كاملة بالمكونات (بترتيب تنازلي حسب الوزن، مع تحديد مصادر الدهون، وإدراج المضافات الغذائية/أرقام E)، والمحتوى الصافي بالوحدات المترية، وبلد المنشأ، وتفاصيل الشركة المصنعة/المستورد، وتواريخ إنتاج وانتهاء صلاحية واضحة . يجب طباعة هذه التواريخ مباشرة على العبوة، وليس فقط على ملصق، وغالبًا ما تحتاج المنتجات إلى أن يكون أكثر من 50% من مدة صلاحيتها متبقية عند الوصول . كما يلزم أيضًا توفير تعليمات التخزين/الاستخدام، ورقم الدفعة للتتبع، والمعلومات الغذائية (وفقًا لمواصفة GSO 2233)، وإعلان إلزامي عن مسببات الحساسية الشائعة (مثل الغلوتين، المكسرات، الحليب، الصويا، إلخ) . الحالات الخاصة تحتاج إلى اهتمام أيضًا: يجب الإعلان بوضوح عن لحم الخنزير على اللوحة الرئيسية للملصق، والمنتجات الحلال المعتمدة تحتاج إلى الشعار، والادعاءات بأن المنتج عضوي أو معدل وراثيًا تتطلب شهادة، وحتى أغذية الحيوانات الأليفة لها قواعد محددة . أخيرًا، يجب أن تتوافق مواد التعبئة والتغليف نفسها مع معايير المواد الملامسة للأغذية (FCM) . الإنفاذ: عمليات التفتيش والاختبار والعقوبات
الامتثال ليس اختياريًا؛ فبلدية دبي تطبق اللوائح بفعالية من خلال عمليات التفتيش في الموانئ وداخل السوق . يقوم المفتشون بفحص الوثائق والملصقات ومدة الصلاحية ودرجات حرارة التخزين، ويأخذون عينات للاختبارات المعملية بناءً على تقييمات المخاطر . ماذا يحدث إذا لم تكن الأمور على ما يرام؟ الشحنات غير المطابقة يمكن أن تواجه الرفض، أو الاحتجاز، أو إعادة التصدير إلى بلد المنشأ، أو حتى الإتلاف، وكل ذلك عادةً على نفقة المستورد . بالإضافة إلى الشحنة نفسها، فإن المخالفات بموجب القانون الاتحادي رقم 10 لسنة 2015 تترتب عليها عقوبات صارمة . تداول الأغذية الضارة أو المغشوشة يمكن أن يؤدي إلى غرامات كبيرة (قد تصل إلى 2 مليون درهم إماراتي) والسجن . التعامل في لحم الخنزير أو الكحول غير المرخص، أو استخدام ملصقات خاطئة/مضللة، يجذب أيضًا غرامات باهظة وعقوبة سجن محتملة . في الحالات الخطيرة، للسلطات صلاحية الأمر بالإغلاق المؤقت أو الدائم للمنشآت الغذائية غير الممتثلة . الرسالة واضحة: اتبع القواعد.