تخطو دبي، والإمارات العربية المتحدة بشكل عام، خطوات جادة نحو مستقبل مستدام، وجزء كبير من هذه الرحلة يتضمن جعل وسائل تنقلنا أكثر نظافة . يُعد قطاع النقل محورًا رئيسيًا في خطة الدولة الطموحة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف هذا القرن، والمعروفة باسم مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 . يشمل هذا التوجه تشجيع المزيد من المركبات الكهربائية (EVs) – وهي سيارات تعمل بالكهرباء فقط – والمركبات الهجينة، وكهربة وسائل النقل العام، واعتماد ممارسات صديقة للبيئة في جميع المجالات . دعنا نستكشف استراتيجية دبي الشاملة للنقل الأخضر، مع النظر في الخطط الحالية والتقدم المحرز حتى الآن نحو هدف الحياد المناخي . المخطط الاستراتيجي: أهداف دبي للنقل الأخضر
دبي لا تختبر مجال النقل المستدام فحسب؛ بل تغوص فيه بنهج استراتيجي متعدد المستويات. يرتكز هذا الالتزام على مبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، التي تحدد بوضوح التنقل الكهربائي كأولوية قصوى . وتدعم ذلك استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050، التي تهدف إلى جعل شبكة الكهرباء أكثر نظافة، مما يجعل النقل الكهربائي بدوره أكثر مراعاة للبيئة بشكل غير مباشر . وبشكل أكثر تحديدًا، تحدد استراتيجية دبي للتنقل الأخضر 2030 أهدافًا لزيادة حصة المركبات الكهربائية والهجينة، مع أهداف وطنية محدثة تطمح إلى أن تكون 50% من جميع المركبات على طرق الإمارات كهربائية أو هجينة بحلول عام 2050 . تُعد هيئة الطرق والمواصلات (RTA) لاعبًا رئيسيًا، حيث أطلقت استراتيجيتها الرائدة "النقل العام عديم الانبعاثات في دبي 2050" . وهذا يجعل دبي الأولى في المنطقة التي تضع خطة طويلة الأجل لإزالة الكربون من وسائل النقل العام، تستهدف الحافلات وسيارات الأجرة وسيارات الليموزين وحتى الحافلات المدرسية، بهدف تحقيق تخفيضات كبيرة في انبعاثات الكربون وتحقيق وفورات مالية . وتعزيزًا لذلك، تهدف الخطة الاستراتيجية لهيئة الطرق والمواصلات 2024-2030 إلى أن تتم 42.5% من الرحلات عبر وسائل مستدامة بحلول عام 2030، بما يتماشى مع خطة دبي الحضرية 2040 ورؤيتها لـ "مدينة الـ 20 دقيقة" . وأخيرًا، يوفر إطار عمل الاستدامة لهيئة الطرق والمواصلات 2030 الهيكل اللازم، مع التركيز على المرونة المناخية والتحول نحو انعدام الانبعاثات . ترسم هذه الاستراتيجيات مجتمعة صورة واضحة لرؤية دبي طويلة الأجل لنظام نقل مستدام منخفض الكربون . قيادة التغيير: حوافز لتبني المركبات الكهربائية والهجينة
إذًا، كيف تشجع دبي السكان والشركات على التحول إلى مركبات أكثر صداقة للبيئة؟ تقدم كل من هيئة الطرق والمواصلات (RTA) وهيئة كهرباء ومياه دبي (DEWA) مجموعة من الحوافز لجعل المركبات الكهربائية والهجينة أكثر جاذبية . بدايةً، هناك مزايا تسجيل، قد تشمل رسومًا مخفضة أو مجانية ولوحات أرقام خاصة . كما توفر هيئة الطرق والمواصلات مواقف عامة مجانية مخصصة للمركبات الكهربائية المرخصة في دبي، يمكن التعرف عليها بسهولة من خلال لافتات خضراء . غالبًا ما يكون هذا الإعفاء تلقائيًا للمركبات الكهربائية المسجلة، على الرغم من تطبيق حدود زمنية (عادةً حوالي أربع ساعات)، ويواجه غير أصحاب المركبات الكهربائية الذين يركنون هناك غرامات كبيرة . ثم هناك بطاقة سالك – نظام التعرفة المرورية الإلكتروني. تقدم هيئة الطرق والمواصلات بطاقة سالك مجانية عند تسجيلك لمركبة كهربائية في دبي . الآن، هنا يصبح الأمر مربكًا بعض الشيء: فبينما البطاقة نفسها مجانية، توضح معظم المصادر الحديثة أن هذا لا يعني أنك تحصل على مرور مجاني عبر بوابات التعرفة؛ لا يزال يتعين عليك دفع الرسوم . ومع ذلك، توجد بعض المعلومات المتضاربة، حيث يشير مصدر واحد على الأقل إلى توفير محتمل في نفقات التعرفة لمدة خمس سنوات . بصراحة؟ أفضل ما يمكنك فعله هو التحقق مرة أخرى من سياسة سالك الحالية للمركبات الكهربائية مباشرة مع هيئة الطرق والمواصلات أو سالك للتأكد . وأخيرًا، قامت مبادرة "الشاحن الأخضر" للمركبات الكهربائية من هيئة كهرباء ومياه دبي، والتي تعمل منذ 2014/2015، ببناء شبكة الشحن العامة وقدمت سابقًا فترات شحن مجانية . وبينما انتهى الشحن المجاني في أواخر عام 2021 ، تسهل هيئة كهرباء ومياه دبي التسجيل والدفع عبر فاتورتك العادية أو بطاقة الشاحن الأخضر . تهدف هذه الحوافز مجتمعة إلى خفض حواجز الدخول وتكاليف التشغيل، مما يجعل التحول إلى الكهرباء أكثر سلاسة . تخضير الأسطول: كهربة النقل العام
تدرك دبي أن معالجة الانبعاثات من المركبات ذات الأميال العالية مثل سيارات الأجرة والحافلات أمر بالغ الأهمية . كانت هيئة الطرق والمواصلات سباقة في هذا المجال، حيث أدخلت سيارات الأجرة الهجينة في عام 2008 والمركبات الكهربائية في عام 2017 . تحدد استراتيجية انعدام الانبعاثات أهدافًا جريئة: 30% من سيارات الأجرة والليموزين ستكون عديمة الانبعاثات (كهربائية أو هيدروجينية) بحلول عام 2030، وترتفع إلى 100% بحلول عام 2040 . في الواقع، تهدف هيئة الطرق والمواصلات إلى تحويل أسطول سيارات الأجرة بالكامل إلى هجين وكهربائي في وقت أقرب، بحلول عام 2027 . تسير الحافلات العامة على مسار مماثل، مستهدفة 10% كهربائية/هيدروجينية بحلول عام 2030 والوصول إلى 100% بحلول عام 2050 . التجارب جارية على قدم وساق، بما في ذلك الاختبارات الأخيرة لحافلة فولفو كهربائية عالية السعة لتقييم أدائها تحديدًا في مناخ دبي . تمتد الموجة الخضراء إلى الحافلات المدرسية التي تشغلها مؤسسة تاكسي دبي (DTC)، متبعة نفس هدف انعدام الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2050 . يهدف هذا التركيز إلى تحسين جودة الهواء وحماية صحة الأطفال . علاوة على ذلك، يتماشى توجه دبي نحو النقل الذاتي مع أهداف الاستدامة، حيث تخطط لـ 4000 سيارة أجرة كهربائية ذاتية القيادة بحلول عام 2030 وتقوم بالفعل بتجربة مركبات مثل شيفروليه بولت وحتى العبرات (سيارات الأجرة المائية) الكهربائية ذاتية القيادة . تُعد كهربة هذه الأساطيل العاملة بكد أمرًا أساسيًا لخفض البصمة الكربونية لقطاع النقل وجعل هواء المدينة أنظف . ما وراء الكهربة: الكفاءة والمعايير
بينما تُعد الكهربة محور تركيز رئيسي، تعمل دبي أيضًا على جعل المركبات التقليدية أنظف وأكثر كفاءة. على الرغم من أن النتائج الحديثة لم تسلط الضوء على حملات عامة كبيرة تروج بشكل خاص لـ "القيادة البيئية"، إلا أن توجه هيئة الطرق والمواصلات الشامل نحو الاستدامة يشجع ضمنيًا على عادات قيادة أكثر ذكاءً . بشكل أكثر رسمية، تفرض دبي معايير صارمة لانبعاثات المركبات من خلال عمليات فحص سنوية إلزامية للمركبات التي يزيد عمرها عن ثلاث سنوات، تديرها هيئة الطرق والمواصلات . تتحقق هذه الاختبارات من انبعاثات العادم للتحكم في التلوث، مما يضمن تلبية المركبات للمعايير المطلوبة . كما يقدم مقدمو خدمات متخصصون اختبارات متقدمة لمساعدة الشركات المصنعة على الامتثال للمعايير الدولية . حتى أنه يتم تطوير بروتوكولات جديدة للفحوصات الخاصة بالمركبات الكهربائية، مع التركيز على صحة البطارية . يُعد الحفاظ على هذه المعايير أمرًا حيويًا لإدارة جودة الهواء في مدينة صاخبة . دمج الاستدامة: التخطيط الحضري والنقل
تنسج دبي بذكاء أهدافها للنقل الأخضر في نسيج تطورها الحضري. تشجع هيئة الطرق والمواصلات بنشاط الناس على التخلي عن السيارات الخاصة لصالح وسائل النقل العام، بهدف أن تشكل الوسائل المستدامة 42.5% من جميع الرحلات بحلول عام 2030 . يشمل ذلك توسيع شبكة المترو، وتحسين خدمات الحافلات، وتطوير وسائل ربط أفضل لـ "الميل الأول والأخير" لجعل وسائل النقل العام أكثر ملاءمة . يرتبط بخطة دبي الحضرية 2040 مفهوم "مدينة الـ 20 دقيقة"، الذي يدفع نحو استثمارات كبيرة في مسارات الدراجات والمناطق الصديقة للمشاة بحيث تكون الاحتياجات اليومية على مسافة قصيرة سيرًا على الأقدام أو بالدراجة . على الرغم من عدم تسميتها صراحةً بـ "التطوير الموجه نحو النقل العام"، إلا أن التركيز على دمج وسائط النقل والمواءمة مع الخطط الحضرية يشير إلى هذه المبادئ . تهدف حلول التنقل الذكي والمعلومات في الوقت الفعلي والتسعير الديناميكي المحتمل لرسوم المرور ومواقف السيارات أيضًا إلى إدارة تدفق حركة المرور وتقليل السفر غير الضروري . الفكرة الكبرى؟ تشكيل مدينة يكون فيها السفر الأكثر مراعاة للبيئة هو الخيار السهل والطبيعي . تقرير التقدم والعقبات: الرحلة حتى الآن
تُظهر رحلة دبي نحو النقل الأخضر زخمًا مثيرًا للإعجاب، لكنها لا تخلو من العقبات. على صعيد التقدم، شهد تبني المركبات الكهربائية طفرة: قفزت الأعداد من حوالي 15,100 في نهاية عام 2022 إلى أكثر من 34,970 بحلول أكتوبر 2024 . وشهدت مبادرة "الشاحن الأخضر" من هيئة كهرباء ومياه دبي نموًا كبيرًا في عدد المستخدمين المسجلين . الهدف هو أكثر من 42,000 مركبة كهربائية بحلول عام 2030، على الرغم من أنها لا تزال تشكل جزءًا صغيرًا من إجمالي المركبات . كما توسعت البنية التحتية للشحن بسرعة، حيث زادت هيئة كهرباء ومياه دبي شبكتها من حوالي 350 محطة في أوائل عام 2023 إلى حوالي 740 نقطة شحن بحلول أواخر عام 2024، بهدف الوصول إلى 1000 محطة بحلول عام 2025 . كما يشهد النقل العام تحولاً، مع نشر كبير لسيارات الأجرة الهجينة وتجارب جارية للحافلات الكهربائية . ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة. لا تزال التكلفة الأولية للمركبات الكهربائية تشكل عقبة رئيسية للكثيرين، على الرغم من الوفورات المحتملة على المدى الطويل . وبينما تنمو شبكة الشحن، فإن ضمان الوصول المريح في كل مكان، خاصة في المناطق السكنية، وتقليل أوقات الشحن هي مهام مستمرة . تعتمد الفائدة البيئية للمركبات الكهربائية أيضًا على مدى نظافة شبكة الكهرباء، على الرغم من أن دبي تعمل بنشاط على زيادة مصادر الطاقة المتجددة . يُعد الوعي العام، ومعالجة القلق بشأن مدى المسافة، وتقديم مجموعة أوسع من طرازات المركبات الكهربائية بأسعار معقولة أمورًا أساسية أيضًا . ودعنا لا ننسى المناخ – فالحرارة الشديدة تؤثر على أداء البطارية، وهو أمر تختبره هيئة الطرق والمواصلات على وجه التحديد . الطريق إلى الأمام: الخطط والأهداف المستقبلية
بالنظر إلى المستقبل، تظل دبي ملتزمة بقوة برؤيتها للنقل المستدام، بما يتماشى تمامًا مع هدف الإمارات للحياد المناخي 2050 . الأهداف طموحة: أساطيل نقل عام عديمة الانبعاثات بنسبة 100% (سيارات الأجرة، والليموزين، والحافلات، والحافلات المدرسية) بحلول 2040-2050، وهدف وطني يتمثل في أن تكون 50% من المركبات الكهربائية/الهجينة على جميع طرق الإمارات بحلول عام 2050 . ستواصل البنية التحتية للشحن توسعها السريع، حيث تستهدف هيئة كهرباء ومياه دبي 1000 محطة بحلول عام 2025 وتهدف المبادرات الوطنية مثل UAEV إلى تغطية وطنية بشواحن فائقة السرعة . تُعد تكنولوجيا خلايا وقود الهيدروجين أيضًا جزءًا من الخطة، وهي مدرجة بشكل صريح لأساطيل النقل العام المستقبلية، ومن المحتمل أن يتم تزويدها بالوقود من مشروع الهيدروجين الأخضر التابع لهيئة كهرباء ومياه دبي . يُعد دمج المزيد من الطاقة المتجددة، مثل الطاقة من مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الضخم، أمرًا بالغ الأهمية للشحن الأخضر الحقيقي . سيلعب التنقل الذكي دورًا أكبر، حيث تهدف هيئة الطرق والمواصلات إلى نظام نقل قائم على البيانات بحلول عام 2030، وربما باستخدام تعريفات ذكية لإدارة الطلب على الشحن . على الرغم من عدم تأكيد ذلك، فإن خطوات مثل التسعير الديناميكي لسالك ومواقف السيارات يمكن أن تمهد الطريق لاستراتيجيات إدارة الطلب المستقبلية مثل مناطق منخفضة الانبعاثات لزيادة خفض الازدحام والتلوث . من الواضح أن رحلة دبي نحو التنقل المستدام تتسارع، مما يضع معيارًا للمنطقة.